واستدل أبو حنيفة ، والشافعي ، وهو رواية عن زيد ، والباقر ، وأحمد بن عيسى : أنه يجوز صرف الزكاة الباطنة إلى الفقراء من غير إذن إمام.
قال بعض أصحاب الشافعي : ويكون إخراجها بنفسه أفضل ؛ لأنه يثق بالصرف ، وبعضهم إلى الإمام أفضل لمعرفته بالمصارف.
قلنا : هذا في النفل ، أو مع عدم الإمام ، وأما مع وجوده ، فيجب الدفع إليه ، لقوله تعالى في سورة التوبة : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً) [التوبة : ١٠٣] ولأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم بعث السعاة بقبضها (١).
فرع
لو عدم الإمام كان إخراجه للزكاة بنفسه أفضل ، ذكره المؤيد بالله ، وأحد وجهي أصحاب الشافعي ؛ لأنه يتيقن الإخراج (٢).
وبعض أصحاب الشافعي قال : التوكيل أفضل ؛ لأن فيه نوعا من الإخفاء.
قوله تعالى
(لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) [البقرة : ٢٧٢]
النزول
قيل : كانوا يتصدقون على فقراء الذمة ، فلما كثر فقراء المسلمين ، نهاهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن ذلك (٣) [فكانوا لا ينفقون الصدقة على المشرك]
__________________
(١) في بعض النسخ زيادة (ولقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (أربعة إلى الأئمة) وهو محذوف من أ ، وب.
(٢) في الغيث (لأنه أسكن لنفسه) وقوي للمذهب.
(٣) كي تحملهم الحاجة على الدخول في الإسلام ، فنزل قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ) فتمنعهم الصدقة ليدخلوا في الإسلام حاجة منهم إليها (وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ). انظر البغوي.