وقال زفر ، والقاضي محمد بن حمزة (١) : لا عدة عليها ؛ لأن الأولى قد بطلت بالنكاح الثاني ، ثم طلق قبل الدخول.
قال القاضي (٢) : هذا إذا كانت قد حاضت حيضة بعد الطلاق ، ثم عقد بها ، وقد يقوي هذا القول ؛ لأن الرجعة إذا أبطلت العدة فالعقد يبطلها (٣) ، أما لو طلق ثانيا في أثناء العدة ، وقلنا : إن الطلاق يتبع الطلاق قال أبو جعفر : فإنها تبنى عند السادة وأبي حنيفة ، وأحد قولي الشافعي ، وتستأنف في قوله الآخر.
فلو خالع ثم عقد في العدة ، ووطىء ثم طلق ، فعن مالك روايتان يتداخلان ؛ لأن براءة الرحم تحصل بذلك ، ولا يتداخلان ؛ لأنها كالعبادة ، فتعدد بتعدد
__________________
(١) هو محمد بن حمزة بن أبي النجم الهدوي ، الزيدي ، الصعدي ، العلامة ، أخذ عن القاضي جعفر بن أحمد وغيره ، وتولى القضاء بصعدة للإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة ، ومن مؤلفاته درر الأحاديث النبوية في الأسانيد اليحيوية ، جمع فيه أحاديث الأحكام للهادي ، وبوب أبوابا ، ولم يجد لأن الأصل في الفقه ، ولم يورد الأحاديث بألفاظها في الغالب ، وهذا بوب الكتاب على وضع كتب الحديث ، ورواها رواية اللفظ ، وأكثرها بالمعنى ، وكان القاضي محمد مطرفيا ، فرجع على يد القاضي جعفر ، وله كتاب الناسخ والمنسوخ ، كتاب لطيف مشهور ، توفي رحمهالله تعالى في السنة التي ادعى فيها الإمام أحمد بن الحسين ، ومات فيها الشيخ ابن الحاجب ..
(٢) هو ابن أبي النجم ، المذكور سابقا.
(٣) ولكن الفارق موجود ، وهو أن الرجعة إذا أبطلتها لأنها في الطلاق الرجعي في حكم الزوجة ، فلذلك استأنفت عدة أخرى ، ولا كذلك في الثاني ، فإن العقد وإن صيرها زوجة لكنه إذا طلقها قبل الدخول انكشف أن عدة الطلاق الأول لم تنقطع ، وإلا لزم أن يعقد عليها في الوقت الذي طلقها فيه ، ثم يطلق فتبطل عدتها ، وذلك خلاف النص.