والمروي عن علي عليهالسلام ، وأنس ، وشريح قبول شهادته ، فهذه طائفة من الصحابة ، وطائفة من الأئمة ، وهم الهادي ، والناصر ، ورواية للقاسم ، وتصحيح السادة ، صحة شهادته إلا لمولاه ، والى هذا ذهب أحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وداود.
وقال الشعبي ، والنخعي : تقبل فيما قل ، لا في الكثير ، ويخرج الفاسق ، والجارّ (١) والدافع بقوله تعالى : (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ) وكذا العدو ، والمتهم.
وقوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ) هذا الشرط خرج على العادة ، أن النساء لا يستشهدن مع وجود الرجال ، وإلا فقد أجمع العلماء أن قبول المرأتين مع الرجل غير مشروط بعدم الرجال ، وهذه الصفة معتبرة فيما ذكر من المداينة ، أما في الحدود ونحوها فلا تقبل شهادة النساء ، وفيما لا يطلع عليه الرجال تقبل شهادتهن على الانفراد (٢) ، ومأخذ ذلك من غير هذه الآية.
واستدل من منع الحكم بشاهد ويمين بهذه الآية ، وهذا قول زيد بن علي عليهالسلام ، وأبي حنيفة ، قالوا : لأنه تعالى قصر ذلك على رجلين (٣) ، أو على رجل وامرأتين ، والزيادة على ما ذكر نسخ للقرآن بخبر الآحاد (٤).
وقال الهادي ، والناصر ، والباقر ، والصادق ، والشافعي ، ومالك : إنه يحكم به ، لكن شرط الناصر عدالة المدعي ، والشافعي قال : في الأموال ، أو فيما يؤول إلى مال كالرهن.
__________________
(١) أي : الجارّ لنفسه منفعة.
(٢) يعني عن الرجال ، ولا تقبل أيضا مع الإجتماع إلا مع جهل تقدم غيرها ، وعلى سبيل المفاجأة ، أو جهل التحريم ، ولا تقبل شهادة الرجال في ذلك.
(٣) يقال : من أين أخذ القصر على أصلهم؟ ينظر هل يؤخذ من كونه بصدد تقسيم الشهادة المقبولة ، فلو كان غيرها مقبولا لذكره ، والله أعلم. (ح / ص).
(٤) سلمنا أنه نسخ ، وهو للمفهوم ، وهو ظني ، فلم ينسخ به القطعي.