حجتنا أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قضى بشاهد ويمين ، وقال : أمرني جبريل أن أقضي بشاهد ويمين ، وهو إجماع الصحابة من الخلفاء الأربعة ، وابن عباس ، وجابر ، وأبي بن كعب (١) ، وسعد بن عبادة ، وأبي هريرة ، والمغيرة ، ولا يقال : إن هذا نسخ ؛ لأنا لم نفهم نفي الزيادة (٢) ، فكانت هذه الزيادة كزيادة الحكم بالنكول والإقرار ، وعلم القاضي ، وسبيلها سبيل قوله تعالى : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الأنعام : ١٤٥] وقد حرم صلىاللهعليهوآلهوسلم كل ذي ناب من السباع ، ولم يكن نسخا (٣) ، وقد زعم بعض الحنفية أنها قطعية ، وأن الحاكم لو حكم بذلك نقض حكمه.
وقوله تعالى : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) قراءة الأكثر (أَنْ تَضِلَّ) بفتح الألف (فَتُذَكِّرَ) بفتح الراء ، والمعنى التعليل ، أي : بسبب أن تضل
__________________
(١) أبي بن كعب هو : أبي بن كعب بن قيس بن عبيدة بن معاوية بن عمرو بن مالك بن نجار الأنصاري الخزرجي ، أبو المنذر ، سيد القراء ، ويكنى ابا الطفيل أيضا من فضلاء الصحابة ، وعلمائهم ، وأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يقرأ عليه القرآن ، رواه المرشد بالله ، اختلف في سنة موته اختلافا كثيرا ، قيل : سنة تسع عشرة ، وقيل : سنة ٢٢ ، وقيل : غير ذلك ، هو مذكور في مواضع منها في الطهارة خلافا لبعض الأنصار.
(٢) أي : لم نفهم نفي الزيادة من الأمر. يقال : قد فهم النفي ولكن السنة تثبت عدم العمل بالمفهوم.
(٣) يمكن أن يقال : ولا سواء ؛ إذ تحتمل هذه أنه لم يكن أوحي إليه في ذلك الوقت تحريم غير ما ذكر ، والله أعلم. (ح / ص).
وفي حاشية النسخة ب (وأيضا فإن قوله : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ) بمعنى اطلبوا شهيدين من رجالكم ، فيكون غير الشهيدين ، والرجل والمرأة غير مطلوب ، وذلك لا يقضي بعدم إجزاء شهادة رجل ويمين ، بل غايته عدم إيجاب طلبهما ، والله أعلم.