قوله تعالى
(وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) [البقرة : ٢٨٤]
قيل : هذا خطاب خاص في الشهادة ، عن ابن عباس وجماعة.
وقال مقاتل ، والواقدي : هي في موالاة الكفار ، يعني : وإن تخفوا الموالاة أو تبدوها.
وقيل : إنها عامة في كل شيء من الأحكام التي يجب إظهارها إذا أخفاها ، والتي يجب كتمها إذا أظهرها ، وأما الوساوس وحديث النفس ، فقيل : إنه داخل ، ولكنه منسوخ بقوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) [البقرة : ٢٨٦] وضعف بأنه غير مقدور له ، وتكليف ما ليس في الوسع لا يجوز (١).
وقيل : إن قوما توهموا أنهم يؤاخذون بالخواطر التي لا تدخل تحت فدرتهم ، فأنزل الله تعالى الآية الثانية ، وهي قوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) بيانا لهذا.
وعن عبد الله بن عمر : أنه تلاها فقال : «لئن أخذنا الله بهذا لنهلكن» ثم بكى حتى سمع نشيجه ، فذكر لابن عباس فقال : يغفر الله لأبي عبد الرحمن ، لقد وجد المسلمون منها مثل ما وجد ، فنزل قوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها).
وقال الأصم والقاضي : ما يظهرون من المعاصي ، وما يخفون منها (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) أراد : يغفر للتائب ، ويعذب المصر.
__________________
(١) يعني : فليس بمكلف به ، فلا نسخ فيه حينئذ. (ح / ص).