حقي ، فقلت : اذهب إلى تلك البقر ورعاتها فخذها ، فقال : اتق الله ولا تستهزئ بي ، فقلت : إني لا أستهزئ بك ، خذ ذلك البقر ورعاءها ، فأخذه فذهب به ، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك الكريم فافرج لنا ما بقي ، ففرج الله ما بقي) وفي رواية (فخرجوا من الغار يمشون).
قال النواوي : عن القاضي حسين من أصحاب الشافعي وغيره : إنه يستحب لمن وقع في شدة أن يدعو بصالح عمله ، واستدلوا بهذا الحديث (١) ، وقد صوب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هؤلاء ، في هذا ترك الافتقار إلى الله تعالى
قوله تعالى
(وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ) [آل عمران : ١٧]
هذا دليل أن السّحر يختص بفضيلة ، قيل : لأن الإنسان عنده يكون أبعد من الشواغل فيتفكر ، ويحاسب نفسه ، ويتلافى ما فرط بالاستغفار.
وقيل : إنما خصه بالذكر ؛ لأن العبد يكون فيه قد فارق طيب المضجع ، ولذة الفراش ، وهجر صاحبته ، وعبد الله.
وقيل : لأنهم كانوا يقدمون قيام الليل ، فيحسن طلب الحاجة ، كما قال تعالى : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) [فاطر : ١٠] (٢).
وعن الحسن كانوا يصلون أول الليل ، حتى إذا كان السحر أخذوا في الدعاء والاستغفار (٣).
__________________
(١) سيأتي للنواوي في قوله في آخر النساء : (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً) الآية أن هذا ينافي الإفتقار فلعل ما هنا لك اختياره ، وما هنا اختيار القاضي حسين. (ح / ص).
(٢) (يَرْفَعُهُ) أي : يرفع الكلم الطيب ، على أحد الوجوه ، وكذا في البغوي : الرافع العمل الصالح.
(٣) هذا نهارهم ، وهذا ليلهم. (ح / ص).