قوله تعالى
(وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا) [آل عمران : ٣٧]
روي أن امرأة عمران لما وضعت مريم لفتها في خرقة ، وحملتها إلى المسجد ، ووضعتها عند الأحبار ، وهم في بيت المقدس كالحجبة في الكعبة ، فقالت لهم : دونكم هذه النذيرة ، فتنافسوا فيها ، لأنها كانت بنت إمامهم ، وصاحب قربانهم ، فقال لهم زكرياء : أنا أحق بها ، عندي خالتها ، فقالوا : لا ، حتى نقترع عليها ، فانطلقوا إلى نهر ، وكانوا سبعة وعشرين ، فألقوا فيه أقلامهم ، فارتفع قلم زكرياء فوق الماء ، ورسبت أقلامهم ، وقيل : هم تسعة وعشرون ، وقيل : جرت أقلامهم ، ووقف قلمه ، فأخذها زكرياء.
والقراءة الظاهرة (وَكَفَلَهَا زَكَرِيَّاءُ) بالتخفيف ، و (زَكَرِيَّاءُ) بالرفع ، على أنه الفاعل
وقراءة عاصم ، وحمزة ، والكسائي (وكفّلها زكرياءَ) بالتشديد في (كَفَّلَها) والنصب ل (زكرياءَ). والمعنى : أن الله تعالى كفلها إياه.
وفي رواية عن ابن كثير (وَكَفِلَهَا) بكسر الفاء ، أي : ضمها إليه ، وفي ذلك دلالة أن للخالة حقا في الحضانة.
قوله تعالى
(هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ) [آل عمران ٣٨ ـ ٣٩]
المعنى : (هُنالِكَ) أي : في ذلك المكان ، أو في ذلك الوقت ؛ لأنه قد يستعار هنالك للوقت مجازا ، قيل : لما رأى زكرياء عليهالسلام كرامات مريم ، رغب أن يكون له ولد صالح ، فدعا الله تعالى.