وقوله تعالى : (وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) فيه وجهان :
الأول : أنه أراد بذلك صلاة الجماعة ، وهذا أمر بها ، والمسألة خلافية بين العلماء ، هل الأمر بالجماعة للوجوب ، أو للاستحباب؟ الأكثر أنه للاستحباب ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته وحده بضعا وعشرين درجة).
الوجه الثاني : أن في زمانها كان بعضهم يقوم في صلاته ، ويسجد ، ولا يركع ، وكان بعضهم يركع ، فأمرت بأن تكون مع (١) الذين يركعون ، فتركع كما أنهم يركعون.
قال جار الله : ويحتمل أنه أراد انظمي نفسك مع المصلين ، وكوني في عدادهم ، لا في عداد غيرهم.
قوله تعالى
(وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ) [آل عمران : ٤٤]
قيل : أراد بالأقلام أقلامهم التي كانوا يكتبون بها التوراة ، جعلوها للقرعة.
وقيل : أراد أقداحهم للاقتراع.
وثمرة الآية :
أنه يجوز التخاصم لطلب الفضل ، حتى يتميز واحد بمزية.
ودلت على أن التمييز يحصل بالقرعة في الأمر الملتبس ، وقد تعلق
__________________
(١) في نسخة (بأن تكون من الذين يركعون).