قوله تعالى
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ) [آل عمران : ٩٠]
النزول
قيل : نزلت الآية في اليهود ، والمعنى : أن الذين كفروا بعيسى عليهالسلام والإنجيل بعد إيمانهم بموسى والتوراة (ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً) بكفرهم بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم والقرآن ، أو بعد ما كانوا مؤمنين به قبل مبعثه (ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً) بإصرارهم على ذلك ، وشدة طغيانهم ، وعداوتهم.
وقيل : نزلت في الذين ارتدوا ولحقوا بمكة ، وازديادهم الكفر بأن قالوا : نقيم بمكة ، نتربص بمحمد ريب المنون ، وإن أردنا الرجعة نافقنا بإظهار التوبة.
وقيل : في الكفار ؛ لأنهم أقروا بأن الله خالقهم ، ثم كفروا ، ثم ازدادوا كفرا بإصرارهم.
إن قال قائل : ظاهر الآية أن توبة المرتد غير مقبولة ، فما هو الذي يصرف عن الظاهر؟
قلنا : الآية المتقدمة ، وسائر الآيات الدالة على التوبة ، والآثار المعلومة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في قبول توبة كثير من المرتدين ، ولأن قبول التوبة إذا جاءت على وجهها من الواجبات على الله تعالى بالأدلة العقلية ، فأوجب ذلك صرفها عن الظاهر ، ولها تأويلات :
الأول : عن أبي العالية : أن المراد لا تقبل توبتهم عن سائر الذنوب مع إقامتهم على الكفر.
الثاني : عن ابن عباس : أنها وردت في فرقة ارتدت ، ثم عزمت على إظهار الإسلام تورية ، فأطلع الله تعالى رسوله على سرهم.