الاستبراء في حق الإماء بالحيض ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في سبايا أوطاس : «لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تستبرئ بحيضة» ولأن العدة إنما شرعت لبراءة الرحم ، والبراءة هي بالحيض ؛ ولأن الله تعالى قال في الآيسات : (فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ) فجعل الأشهر بدلا من الحيض.
وحجة من قال : أراد بالقروء في الآية الأطهار وجوه منها : قوله تعالى : (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) [الطلاق : ١] وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديث ابن عمر ، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء ، فجعل العدة الأطهار ، وأجيب بأن المراد مستقبلات لعدتهن ، واحتج أيضا بأن قال : إن قروءا جمع للقرء الذي هو الطهر ، لا جمع للقرء الذي هو الحيض ، فإن جمعه أقراء ، وحكوا هذا عن ابن الأنباري ؛ لأن قرءا للحيض بالضم يجمع على أقراء ، وقرءا بالفتح يجمع على قروء.
وقد أجاب الزمخشري : بأن أحد الجمعين يستعمل في مكان الآخر (١) ، ولهذا قال تعالى (بِأَنْفُسِهِنَ) فجاء بجمع القلة مكان جمع الكثرة ، لكن يقال : ذلك خلاف الأصل (٢).
قالوا : لو أراد ثلاث حيض لقال : ثلاث قرؤء ، ولم يقل : (ثَلاثَةَ) لأنه يقال : ثلاث حيض ، وثلاثة أطهار. أجيب بأن التأنيث والتذكير يتبعان اللفظ دون المعنى ، والعكس (٣) ؛ ولهذا يقال : هذه ثلاثة أحجار ، وهذه
__________________
(١) إنما أراد الزمخشري أنه يستعمل جمع القلة مكان جمع الكثرة ، والعكس ، ولم يرد الفرق بين قرء بالضم ، وقرء بالفتح ، وقرء بالفتح ، فيحقق ، والله أعلم.
(٢) يعني استعمال أحد الجمعين مكان الآخر مجاز لا يصار إليه إلا لقرينة.
(٣) في سورة الأنبياء قال تعالى : (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ) [الأنبياء : ٩١] فأنث مع أن الفرج مذكر ، وقد ورد في سورة التحريم مذكرا قال تعالى : (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) ـ [التحريم : ١٢].