وقيل : المراد لن تكونوا أبرارا صالحين أتقياء ، (حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ).
وقوله : (مِمَّا تُحِبُّونَ) قيل : أراد من المال ؛ لأن المال كله محبوب.
وقيل : ينفق من الأحب ، ولا ينفق من الأدون ، كقوله تعالى : (الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) ، وقيل : مما يشتهون.
وقيل : مما تحبون إمساكه ، وقد رغبت الآية كثيرا من الناس إلى الإنفاق ، قال جار الله رحمهالله : كان كثير من السلف رحمهمالله تعالى إذا أحبوا شيئا جعلوه لله تعالى.
وروي أنها لما نزلت جاء أبو طلحة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : يا رسول الله إن أحب أموالي إليّ بيرحاء ـ قيل : هذا الصواب أن هذه اللفظة بالمد (١).
وقيل : بيرحى. بالقصر ، يريد بذلك أرضا كانت له ـ فضعها يا رسول الله حيث أراك الله ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم (بخ بخ ، ذلك (٢) مال رابح ، أو رايح ، أي : «يروح ثوابه إليك ، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين» فقال أبو طلحة : أفعل يا رسول الله ، فقسمها أبو طلحة في (٣) أقاربه.
وجاء زيد بن حارثة بفرس له كان يحبها ، فقال : هذه في سبيل الله ، فحمل عليها صلىاللهعليهوآلهوسلم أسامة بن زيد ، فكأن زيدا وجد في نفسه (٤) ، وقال : إنما أردت أن أتصدق به ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أما إن الله قد قبلها منك».
__________________
(١) بيرحاء : بفتح الباء وكسرها ، وبفتح الراء وضمها ، والمد فيهما ، وبفتحهما والقصر ، وهو اسم مال وموضع في المدينة ، وقال الزمخشري في الفائق : إنها فيعلا من البرح ، وهي الأرض الفضاء من البراح ، وقيل : هي منسوبة إلى امرأة حفرت لها ، اسمها حاء ، فركبت مزجا.
(٢) في نسخة (ذاك مال رابح).
(٣) في نسخة (فقسمها أبو طلحة بين أقاربه).
(٤) لأن أسامة بن زيد ولده ، فكأنه تخوف أن لا يكون رسول الله قد قبلها منه ، وإلا فلماذا أعطاها ابنه.