يوما اقتتلت فيه الأوس والخزرج ، وكان الظفر فيه للأوس ، ففعل ، فتنازع القوم عند ذلك ، وتفاخروا ، حتى قالوا : السلاح السلاح ، فبلغ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فخرج إليهم بمن معه من المهاجرين والأنصار ، فقال : (أتدّعون الجاهلية وأنا بين أظهركم ، بعد أن أكرمكم الله تعالى بالإسلام ، وألّف بينكم) (١) فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان ، وكيد من عدوهم ، فألقوا السلاح ، وبكوا ، وعانق بعضهم بعضا ، ثم انصرفوا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فما كان يوم أقبح أوّلا ، وأحسن آخرا من ذلك اليوم (٢).
وقوله تعالى
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ) [آل عمران : ١٠٠]
المعنى : إن تطيعوا من أثار الفتنة بينكم من اليهود ، وذكّركم العداوة.
وقوله تعالى
(وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ) [آل عمران : ١٠١]
هذا استفهام ، والمراد به الإنكار ، وفي ذلك دليل على أن من لم تبلغه الشرائع فهو غير مكلف بها.
__________________
(١) في نسخة (وألف بين قلوبكم) (ح / ص).
(٢) وفي الكشاف مثله ، ولفظه في آخر القصة (فقال : أتدعون الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ أكرمكم الله بالإسلام وقطع به عنكم أمر الجاهلية وألف بينكم. فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوّهم ، فألقوا السلاح وبكوا وعانق بعضهم بعضا ، ثم انصرفوا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فما كان يوم أقبح أوّلا وأحسن آخرا من ذلك اليوم).