وأما من قال : إن الأقراء هي الأطهار ، فإنه يحتسب بقية الطهر الذي طلقت فيه ، فيجعله قرءا.
قال في المهذب : وأقل ما يمكن اثنان وثلاثون يوما وساعة ، وبيانه : أن يطلقها لبقية ساعة من الطهر ، فتلك الساعة قرء ، ثم تحيض بعده يوما وليلة ، ثم تطهر خمسة عشر يوما ، ثم تحيض يوما مع ليلته الماضية ، ثم تطهر خمسة عشر يوما ، وهو القرء الثالث.
وعندنا أقل ما يمكن في تسعة وعشرين يوما.
الحكم الثالث
يتعلق بقوله تعالى : (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَ) وهذا تصريح بتحريم كتمان ذلك.
واختلف المفسرون فقيل : أراد من الحيض ، فلا تكتمه استعجالا للطلاق ، بأن تقول : قد طهرت لتطلق قبل ، أو تقول : قد حضت لتبطل رجعته.
وقيل : أراد الولد ، فلا تكتم الحمل لتعجله على الطلاق ؛ لأنه إذا عرف الحمل أشفق من الطلاق رقة على الحمل.
قال الزمخشري (١) : ويجوز أن يراد كتم الولد ، ويكون هذا نهيا عن قتل الأجنة ، فلا يكتمن عازمات على قتله. وقيل : بنسبة الولد إلى غير أبيه.
__________________
(١) لفظ الزمخشري (ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَ) من الولد أو من دم الحيض. وذلك إذا أرادت المرأة فراق زوجها فكتمت حملها لئلا ينتظر بطلاقها أن تضع ، ولئلا يشفق على الولد فيترك تسريحها ، أو كتمت حيضها وقالت وهي حائض : قد طهرت ، استعجالا للطلاق. ويجوز أن يراد اللاتي يبغين إسقاط ما في بطونهن من الأجنة فلا يعترفن به ويجحدنه لذلك ، فجعل كتمان ما في أرحامهن كناية عن إسقاطه).