وثمرة الآية : ما فيها من الأمر بتقوى الله ، والاعتصام بحبل الله ، وذكر نعمة الإسلام ، والانتهاء عما نهى الله عنه فيها من الافتراق.
قوله تعالى
(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران : ١٠٤]
دلت الآية على وجوب الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ؛ لكن الأمر يتبع حكمه حكم المأمور ، فيندب في الندب ، ويجب في الواجب.
قيل : (من) في قوله (مِنْكُمْ) للتبعيض ؛ لأنه فرض على الكفاية ، وقيل : هي صلة أو للبيان.
وقيل : جاء بها ليخرج الصبيان والنساء ، حيث لا يتوجه عليهم.
إن قيل : قوله تعالى : (يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ) هو الأمر بالمعروف ، وقوله تعالى : (وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) لم أعاده؟ قال جار الله رحمهالله تعالى (١) : الدعاء إلى الخير عام في التكاليف كلها ، من الأفعال والتروك ، وأما قوله تعالى : (وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) فذلك خاص فجاء بالعام ثم عطف عليه الخاص إيذانا بفضله ، كقوله تعالى : (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) [البقرة : ٢٣٨].
قال الحاكم : واستدل بعض الزيدية بهذه الآية على أن طريق الإمامة الدعوة ، فإنه المراد بقوله : (يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ) وذكر بعد ذلك الأمر
__________________
(١) لفظ الكشاف (فإن قلت : كيف قيل : (يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ)؟ قلت : الدعاء إلى الخير عامّ في التكاليف من الأفعال والتروك والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاص ، فجيء بالعام ثم عطف عليه الخاص إيذانا بفضله ، كقوله : (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى)).