لم يؤاخذوه ، وروي (أنه ينادي مناد يوم القيامة : أين الذين كانت أجورهم على الله تعالى ، فلا يقوم إلا من عفا).
وعن ابن عيينة : أنه رواه للرشيد وقد غضب على رجل فخلاه.
وقوله تعالى : (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) يجوز أن تكون اللام للجنس ، فيدخل في ذلك كل محسن ممن تقدم ، ومن غيرهم ، وأن تكون للعهد فتكون لمن تقدم ، وعن الثوري «الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك ، فأما إلى من أحسن إليك فإنه متاجرة».
ولكل واحدة من هذه الخصال باب فيه ترغيب وآثار كثيرة.
وثمرة هذه الآية : ما ذكر من المسارعة إلى الخيرات ، والإنفاق ، وكظم الغيظ ، والعفو ، والإحسان ، وهذه الأشياء تنقسم إلى واجب ، ومندوب.
قال في الثعلبي : وعن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (رأيت قصورا مشرفة على الجنة ، فقلت : يا جبريل لمن هذه؟ قال : للكاظمين (الْغَيْظَ ، وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ ، وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
قوله تعالى
(وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران : ١٣٥]
يدل على أن مع جهل القبح يعذر الفاعل (١).
__________________
(١) واشترط الشيخان أبو علي وأبو هاشم في قبح القبيح أن يصدر من العالم بكونه قبيحا القاصد له ، فلا يكون قبيحا إذا صدر من المجانين والبهائم ، صرحا بذلك في الظلم ، وقال غيرهما : بل هو قبيح مطلقا ، وإنما العلم شرط في استحقاق العقاب فقط لا في القبح ، ذكره في أول كتاب العدل في شرح المقدمة. ـ