قال مشايخ المعتزلة : لأن المصاحف لما رفعت وظهرت الفرقة في عسكره ، وخاف على نفسه جازت له المحاكمة بل وجبت ، ولهذا صالح صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم الحديبية ، وعلى هذا يحمل صلح الحسن عليهالسلام (١).
قوله تعالى
(وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً) [النساء : ٣٦]
ثمرة الآية : وجوب العبادة لله تعالى مع الإخلاص ، وأن لمن ذكر الله حقا الأجر ، وقوله تعالى : (وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى) قيل : الذي له قرابة في النسب (٢) (وَالْجارِ الْجُنُبِ) الذي لا قرابة له ، وقيل : ذي القربى الملاصق (٣) والجار الجنب : الذي ليس بملاصق ، وقيل : الجار الجنب : الغريب ، عن ابن عباس ، ومجاهد ، وغيرهما.
قال في (التهذيب) : وعن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الجيران ثلاثة : جار له ثلاثة حقوق حق الجوار وحق القرابة وحق الإسلام ، وجار له حقان : حق
__________________
(١) الحاكم في التهذيب بهذا اللفظ ، وزاد الحاكم (وعلى هذا يحمل صلح الحسن عليهالسلام ، فإنه لما طعن واستأمن صاحب جيشه عبيد الله بن عباس ، وتفرقت الكلمة في عسكره رأى الصلاح في الصلح ، فهذا كله باب واحد في مراعات المصلحة ، وتدل على أن كل من يريد الخير وينويه فالله تعالى يوفقه للصواب والحق فلذلك قال تعالى (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) وفي الحاكم بدلا من (مشائخ المعتزلة) مشائخنا.
(٢) تفسير الطبري (٥ / ٩٨) ، زاد المسير (٢ / ٧٩) ، تفسير الطبري (٤ / ٨٠).
(٣) تفسير الطبرسي (٥ / ٩٨ ـ ٩٩).