لا يدل عليه ، ولا حجة في ذلك للإمامية أنه لا بد في كل زمن من معصوم ؛ إذ العصمة غير شرط في الشهادة ، ويجوز أن يتأول بالملائكة وبالمؤمنين.
وعند أبي علي لا بد لكل دهر من قوم يقومون بالحق.
وقال الحاكم : ليس ذلك لازم (١).
قوله تعالى
(وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) [النساء : ٤٢]
اختلف المفسرون في معنى ذلك ، فعن عطاء أنه متصل بما قبله (٢)
__________________
(١) ومثله في التهذيب للحاكم ولفظه (وتدل على أن في كل أمة شهيدا يشهد عليهم ، ثم ذلك الشهيد يكون نبيا ، أو غير نبي يقف على دليل سمعي ، لأن الظاهر لا يدل عليه ، وكلا الوجهين يجوز عقلا ، ولا حجة فيه للإمامية أنه لا بد في كل لا زمان من معصوم ، لأنه ليس من شرط الشهادة العصمة ، ولو تأوله متأول على الملائكة ، أو على المؤمنين لم يبعد ، وإنما حملنا (بك) على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للإشارة اليه ، على أن عند أبي علي لا بد في كل عصر من قوم يقومون بالحق ، وإن كان ذلك عندنا ليس بشرط).
(٢) ومثله في التهذيب للحاكم ولفظه («وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) قيل : إنه يتصل بما قبله أي ودوا لو تسوى بهم الأرض ، وأنهم لم يكونوا كتموا أمر محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا بعثته عن عطاء ، وقيل : بل هو كلام مستأنف يعني : لا يكتمون الله يوم القيامة شيئا ، لأن ما عملوه لا يخفى على الله تعالى فكيف يكتمونه عن أبي علي ، وقيل : لا يكتمون لأن جوارحهم تشهد عليهم وتنطق بأعمالهم ، وقيل : لا يكتمون شيئا في الدنيا ، لأنه تعالى مطلع عليهم عن أبي علي ، ويقال : كيف التلفيق بين هذه الآية وبين قوله (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ)؟ قلنا : فيه أربعة أقوال ـ الأول ـ أن في الآخرة مواطن ومقامات ، ففي موطن لا تسمع إلا همسا ، وفي موطن يكذبون ، ويقولون : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) ، وفي موضع يعترفون ويسألون الرجعة عن الحسن. الثاني ـ ولا يكتمون داخل في التمني بعد ما نطق جوارحهم لفضيحتهم عن ابن عباس. الثالث ـ لا يعتد بكتمانهم لأنه ظاهر عند الله تعالى. الرابع ـ أنهم لم يقصدوا الكتمان وإنما اخبروا على حسب ما توهموا تقديره : والله ما كنا مشركين عند انفسنا بل كنا مصيبين في ظنوننا حتى تحققنا الآن).