فعلى هذا يكون التقدير : فإن لم تجدوا ماء ويكون عاما ، وقيل : الجزاء هو جواز التيمم لمن عدم الماء راجع إلى الثلاثة المتأخرين لا إلى المرضى ، ويكون التقدير : إن كنتم مرضى فتيمموا ، وإن كنتم على سفر أو غيره فلم تجدوا ماء فتيمموا ، ويكون المراد أن المرض يضر إمساس الماء لصاحبه كالجدري والقروح والجروح ونحو ذلك ، وهذا قول عامة العلماء من الآئمة والفقهاء ، خلافا للحسن ، وعطاء ، فقالا : إن المريض الواجد للماء لا يتيمم وإن هلك ؛ لقوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا) وهذا واجد.
قلنا : إنا نقدر في الآية تقدير الخشية أي : وإن كنتم مرضى فخشيتم الماء ، وإنما قدرنا ذلك لقوله تعالى في سورة البقرة : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) وقوله تعالى في سورة النساء : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) ولحديث عمرو بن العاص أنه قال : احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل ، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك ، وأخبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه يتيمم ، وقال : سمعت الله تعالى يقول : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) وأقره النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١).
ولحديث صاحب الشجة وهو ما روى جابر قال : «كنا في سرية فأصاب رجلا منا شجة في رأسه ، ثم احتلم فقال لأصحابه : هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا : ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات ، فلما أخبر عليهالسلام بذلك فقال : «قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذا لم يعلموا ، فإنما شفا العي السؤال ، إنما كان يكفيه أن يتيمم ، أو يعصب على جرحه بخرقة ثم يمسح عليها ، ويغسل سائر جسده» ، فدل
__________________
(١) سبق تخريجه. وفي نسخة (إني سمعت الله يقول : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ).