فأما آحاد الكفار الذين لم يخبر الله تعالى بأنهم من أهل النار فهل يجوز لعنه؟ هذه الآية لا تدل على ذلك ، وظاهر أقوال العلماء الجواز ، وكأنه مشروط بأن لا يتوب.
وعن الغزالي : لا يجوز لعن كافر معين ؛ لأنه يجوز عليه التوبة ، ولا يدري بما يختم له ، إلا من علم أنه مات على الكفر ، كفرعون وهامان ، وأبي لهب ، وأبي جهل (١).
وروي في الأذكار عن بعض العلماء أن من لعن شيئا لا يستحق اللعن فإنه يبادر ويقول : إلا أن لا يستحق اللعن (٢).
قوله تعالى
(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) [النساء : ٥٨]
النزول :
قيل نزلت في ولاة الأمر ، عن زيد بن أسلم ، ومكحول.
وقيل : في أمراء السرايا وقيل : في اليهود ، وما وجدوا في كتابهم من صفة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٣) ، وقيل : في عثمان بن [أبي] (٤) طلحة بن شيبة ، وهو
__________________
(١) قد تقدم مثل هذا في البقرة في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ) الآية ، وفي قوله تعالى في آل عمران : (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً) الآية.
(٢) الأذكار للنووي ط (٣) ١٤٠٦ ه :: / ١٩٨٦ ن ص (٤٧٧).
(٣) الكشاف (١ / ٥٣٥) ، زاد المسير (٢ / ١١٤) ، تفسير الطبرسي (٥ / ١٣٦ ـ ١٣٧).
(٤) عثمان بن طلحة ـ هكذا في الأصل ، وهو أخو شيبة ، وليس ابنه ، فلما هاجر طلحة دفع مفتاح الكعبة إلى أخيه شيبة ، هذا الذي ذكره الواحدي ، وفي الروايات أن شيبة أخو عثمان ، وليس أبا لطلحة ؛ لأن طلحة هو ابن أبي طلحة ، واسم أبي طلحة عبد الله بن عبد العزى ، بن عثمان بن عبد الدار ، بن قصي. جامع الأصول بالمعنى. وفي الكشاف شيبة أخو عثمان ، وفي البغوي ، والنيسابوري.