يحصل الرضاء بحاكم الشرع ، هل يكون ذلك كفرا أم لا؟ وهل يكفر من انتصب لحكم المنع أم لا؟ وهل يجوز لمن كان محقا في دعواه أن يطلب إلى حاكم المنع إذا كان لا يحصل له الحق مع حاكم الشرع؟ توصلا إلى أخذ المباح بهذه الطريقة؟
هذه فروع لم أتجاسر على أن أقطع فيها بجواب (١) ، وقد أمر بعض الأئمة المتأخرين (٢) بالمرافعة إلى حاكم المنع ليتوصل به إلى أخذ بعض حصون الظلمة.
قوله تعالى
(فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً وَتَوْفِيقاً أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً) [النساء : ٦٢ ـ ٦٣]
هذا متصل بما قبله أي : (فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) من الكراهة للمحاكمة إلى رسول الله وهذا تهديد.
__________________
(١) لعل الجواب أن يقال : إن أعتقد شيئا من ذلك أو أعتقد حقيته كفر ، وإن لم يحصل شيء من الأمرين كانت معصية محتملة ، وسيأتي في تفسير قوله تعالى : (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ) الآية ما يرشد إلى الجواب عن بعض ما تررد فيه رحمهالله. ويمكن أن يقال : للإنسان أن يتوصل إلى أخذ الحق بذلك ، كالاستعانة بالظلمة على أخذ الحق ، وتنفيذ الأحكام الشرعية ، وإنما الإشكال لو أعتقد صحة ذلك وبطلان غيره ، والله أعلم. ويقال عليه : قد أوهم حقيقته هنا بخلاف المستعين فلا إيهام ، والله أعلم فليحقق ، يقال على هذا : لا بد من رفع التهمة بالرضاء به واعتقاد كونه حقا.
(٢) هو الإمام علي بن علي أخذ تعز ظفار بحكم المنع ، والإمام الناصر أخذ ذهبان بحكم المنع. (ح / ص).