قوله تعالى
(وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) [النساء : ٦٤]
ثمرة الآية : أن هؤلاء المنافقين لو استغفروا الله من نفاقهم وكراهتهم لحكم رسول الله ، وجاءوا إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تائبين معتذرين ، وتشفعوا به إلى الله لتاب عليهم ، دل ذلك على أن توبة المنافق مقبولة كغيره ، أما في الباطن فهي مقبولة عند الله وفاقا.
وأما في الظاهر فظاهر الآية قبولها ؛ لأنه جعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مستغفرا لهم وشافعا ، وهذا قول عامة الأئمة وأبي حنيفة ، والشافعي.
وقال مالك والجصاص : إنها لا تقبل من الباطنية ونحوهم.
وقال المنصور بالله ، والإمام يحي : إن ظهروا شبههم وما يعتادون كتمه (١) دل ذلك على صدق توبتهم فتقبل ، وإلا فلا.
ودلت الآية على أن من تكررت منه المعصية والتوبة صحت توبته ، لقوله تعالى : (تَوَّاباً) وذلك ينبي عن التكرار ، وقد قيل : أن الآية نزلت في شأن هؤلاء الذين كرهوا المحاكمة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقيل : إن قوما من المنافقين أرادوا مكيدة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأتاه جبريل فأخبره بذلك.
__________________
(١) سيأتي لهذا زيادة تحقيق إن شاء الله تعالى في تفسير قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ).