وجه رسول الله ثم قال : «إسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يصل الجدر (١) ، واستوف حقك ، ثم أرسل إلى جارك» كان قد أمر بما فيه السعة فلما احفظ (٢) رسول الله استوعب للرجل حقه في صريح الحكم ، ثم خرجا فمرا على المقداد وعنده يهودي ، فقال : قاتل الله هؤلاء يشهدون أنه رسول الله ثم يتهمونه في قضاء يقضي بينهم ، وأيم الله لقد أذنبنا مرة في حياة موسى فدعانا إلى التوبة وقال : اقتلوا أنفسكم ففعلنا ، فبلغ القتلى سبعين ألفا في طاعة ربنا حتى رضي عنا ، فقال ثابت بن قيس بن شماس : أما والله إن الله يعلم مني الصدق لو أمرني محمدا أن أقتل نفسي لقتلتها.
وروي أنه قال ذلك ثابت ، وابن مسعود ، وعمار بن ياسر ، فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «والذي نفسي بيده إن من أمتي رجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي».
دلت الآية على أن من لم يرض بحكم الرسول لم يكن مؤمنا ، وقوله تعالى : (ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً) أي : شكا ؛ لأن الشاك في ضيق من أمره.
وقوله : (وَيُسَلِّمُوا) ينقادوا ، وقوله : (تَسْلِيماً) كقوله : (وَيُسَلِّمُوا) ، ويستوي ظاهرهم وباطنهم ، ويدل على أن للأعلى في الأراضي أن يحبس الماء حتى يصل الجدار ، وأنه مقدم على الأسفل ، ويدل على أن للأسفل
__________________
(١) في الغيث : في غريب القرآن والحديث ما لفظه أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال للزبير : احبس الماء حتى يبلغ الجدر) الجدر هاهنا : المسناة ، وهي للأرض كالجدار ، وقيل : الجدر الجدار ، وقيل : أصل الجدار ، ورواه بعضهم حتى يبلغ الجدر ، وهي جمع جدار ، وبعضهم يرويه : الجذر بالذال المعجمة ، يريد مبلغ تمام الشرب من جذر الحساب ، والجذر بفتح الجيم وكسرها ، وبالذال المعجمة أصل كل شيء ، والمحفوظ بالدال المهملة ، والله أعلم. (ح / ص).
(٢) أي : أغضب يقال : أحفظه أي : أغضبه