قوله تعالى
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) [النساء : ٧١]
فقوله تعالى : (خُذُوا حِذْرَكُمْ) قيل : أراد أخذ السلاح ؛ سمى به لأنه يتقى به ، وقيل : أراد احذورا عدوكم ، دلت على وجب الجهاد ، وهو ينقسم إلى فرض عين وهو دفع الكفار ، وفرض كفاية وهو قصدهم ، ودلت على استعمال الحذر ، وهو الحزم من العدو وترك التفريط ، وكذلك ما يحذر به وهو استعمال السلاح على احد التفسيرين ، فتكون الرياضة بالمسابقة ، والرهان في الخيل من أعمال الجهاد ، وقوله تعالى : (فَانْفِرُوا ثُباتٍ) أي : جماعة بعد جماعة ، وسرية بعد سرية (أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) أي : مجتمعين.
قال الحاكم : واتفق العلماء أن ذلك موكول إلى اجتهاد الإمام.
قوله تعالى
(وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَ) [النساء : ٧٢]
معناه : ليثبطن غيره كما كان المنافقون يثبطون غيرهم ، وكان هذا ديدن المنافق عبد الله بن أبي ، وهو الذي ثبط الناس يوم أحد (١) ، وقيل : معناه ليتراخى عن الجهاد ، ولا يبادر إليه بل يتثاقل ، وقد قرئ في الشاذ : لَيُبْطِئَنَّ بالتخفيف (٢) ، وقد قيل : نزلت في المنافقين لكونهم ثبطوا غيرهم ، وهذا مروي عن الحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، وابن جريج ، وابن زيد ، والأصم ، وأبي علي (٣) ، وقيل : نزلت في المؤمنين ؛ لأنه ابتدأ فقال :
__________________
(١) زاد المسير (٢ / ١٣٠).
(٢) زاد المسير (٢ / ١٣٠).
(٣) تفسير الطبرسي (٥ / ١٥٦).