أن يكون معطوفا على صلة (الَّذِينَ) ، والمعنى : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ ، أَوْ) الذين (جاؤُكُمْ) قد (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) (١).
قال : والوجه العطف على الصلة لقوله تعالى : (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ) فجعل تركهم القتال سببا لترك التعرض لهم ، فعلى الوجه الأول الواصل فريقان ، وعلى الثاني الواصل فريق واحد.
وفي قراءة أبي : (جاءوكم) بغير واو عطف ، ويكون بيانا ل (يَصِلُونَ) ، أو بدلا ، أو صفة بعد صفة ، فهذه أقوال في معنى الآية بناء على أنه لا نسخ في الآية ، بل تحمل على من له عهد ، أو على المؤمنين (٢).
وقيل : هي منسوخة بآية السيف (٣) ، وأنكر الأصم النسخ.
وإنما يكون النسخ إذا حملت على كافر لا عهد له ، وإذا حملت الآية على كلام أبي علي وأبي مسلم دلت على أن الجهاد يسقط بالأعذار (٤).
قوله تعالى
(سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) [النساء : ٩١]
المعنى : بيّن الله تعالى طائفة أخرى صفتهم النفاق ، وطلب إرضاء المؤمنين والكفار ليأمنوا الجميع.
__________________
(١) الكشاف (١ / ٥٥١) مع اختلاف بسيط عن ما هنا ، ولعل المؤلف أخذ بالمعنى.
(٢) الكشاف (١ / ٥٥٢) ، القرطبي (٥ / ٣١٠).
(٣) الناسخ والمنسوخ للنحاس ص (١٤) ، الناسخ والمنسوخ لهبة الله بن سلاكة ص (١١٢) ، نواسخ القرآن ص (١٣٣) ، زاد المسير (٢ / ١٥٩) ، تفسير الطبرسي (٤ / ٢٠١ ـ ٢٠٢) ، تفسير ابن كثير (١ / ٨٤٣) ، الخازن (١ / ٤٠٨).
(٤) نفس المصدر.