قال الحاكم : وهكذا كل واجب يسقط بالعجز عنه كالهجرة (١).
ولفظ عسى من الله تعالى بمعنى الوجوب (٢) ؛ لأنه لا يجوز عليه الشك فهي وعد منه تعالى ، وهو لا يخلف وعده جل وعلا ، وإنما استثنى تعالى الولدان وإن كانوا غير داخلين في التكليف بيانا لعدم حيلتهم ، والهجرة إنما تجب على من له حيلة.
قيل : ويحتمل أنه أراد المراهقين ، ويحتمل إنما أراد العبيد والإماء المكلفين.
قوله تعالى
(وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ) [النساء : ١٠٠]
النزول
قيل لما مات ضمرة بن جندب الذي خرج من مكة ، وقد حملوه على سرير ، وكان قد قال : أن لي مالا يبلغني (٣) المدينة ، فمات بالتنعيم (٤) ،
__________________
(١) ولفظ التهذيب (تدل الآية على أن من لم يجد مخلصا كان معذورا في ترك الهجرة ، وتدل على أن كل عبادة عجز عنها فهو معذور في تركها لأن سبيلها سبيل الهجرة).
(٢) وفي الكشاف ما لفظه (فإن قلت : لم قيل (عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ) بكلمة الإطماع؟ قلت : للدلالة على أن ترك الهجرة أمر مضيق لا توسعة فيه ، حتى أن المضطر البين الاضطرار من حقه أن يقول عسى الله أن يعفو عني ، فكيف بغيره).
(٣) في (ب) : ما يبلغني.
(٤) التنعيم : موضع في الحل بين مر وشرف ، بينه وبين مكة فرسخان ، ومن هذا الموضع يحرم من أراد العمرة من أهل مكة.