وقد يحكى عن مالك : أنه يفسد بترك التسمية ، وبفسادها (١) ، وكذا في شرح الإبانة عنه أنه لا ينعقد إلا إذا ذكر مهر معلوم ، وفي النهاية : لا يفسد بترك التسمية ، وفي الحديث أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لرجل (إني أزوجك فلانة. قال : نعم ، قال للمرأة : أترضين أن أزوجك فلانا؟ قالت : نعم ، فزوج أحدهما من صاحبه) فدخل بها ولم يفرض لها مهرا ، فلما حضرته الوفاة أعطاها سهمه بخيبر ، فباعته بمائة ألف.
لكن لا يخلو النكاح من وجوب المهر ، ولو أسقطاه (٢) لقوله تعالى : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) [النساء : ٤] وقوله تعالى في سورة النساء (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) [النساء : ٢٥] وأحد قولي الناصر تصح (٣) استدامته من غير مهر ، ولها أن تسقطه كما تسقط سائر حقوقها.
الحكم الثاني
أن طلاق غير المدخول بها جائز على كل حال ، ولا بدعة فيه (٤) ؛
__________________
(١) ومثله عن الإمام زيد بن علي عليهالسلام. وفي حاشية (وعن زيد بن علي أنه لا ينعقد إلا بذكر المهر المعلوم ، كذلك ، وعنه : أن العقد يفسد لفساد التسمية. (بهران) وسيأتي ذكر خلاف الإمام زيد في الأحزاب في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ) الآية. (ح / ص).
(٢) أي : لم يذكراه.
(٣) وفي نسخة ب : (بصحة استدامته). وسيأتي ذكر قوله هذا في سورة النساء في قوله تعالى : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) الآية. (ح / ص).
(٤) وظاهر المذهب أنه تدخله البدعة ، وهو ظاهر الأزهار ، والبيان ، والوابل ، والفتح ، مثل ما في الكتاب ، وكذا في البرهان ، وفي البحر أيضا (ولو حائضا).
ويرد هنا سؤال على المذهب ، يقال : ما معنى قوله تعالى : لا جناح على من طلق قبل أن لمس ، وقد علم أنه لا جناح على من طلق بعد المس ، فأولى قبله ، قيل له : معنى قوله تعالى (فَلا جُناحَ) ليس معناه : لا إثم ولا حرج في الطلاق ، وإنما أراد بالجناح هاهنا المهر ، ومطالبة المرأة بما تطالب به المطلقة المفروض لها التي لم يمسها ، ولم يدخل عليها زوجها كما تطالبه بنصف المسمى لها ، فهذا معنى الجناح ، ذكر معنى هذا الجواب عن الهادي إلى الحق يحي بن الحسين عليهالسلام في تفسيره.