فالمذهب يبطل اعتدادها بالشهور ، وتستأنف الحيض ، وهو قول أبي حنيفة ، وأحد وجهي أصحاب الشافعي ، وجه قولنا : التمسك بقوله تعالى : (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) وهذه لم تتربص إن قلنا : تحتسب بالأشهر ، وأيضا فإن قوله تعالى : (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) فلم يجعل لها الاعتداد بالشهور إلا بشرط أن لا تحيض ، وهذه قد حاضت ، وأحد وجهي أصحاب الشافعي تعتد به ، وتبني عليه.
الفرع الثاني
إذا بلغت سنا يأتي فيه الحيض ولم تحض ، ثم طلقت ، فهل هي داخلة في ذوات الأقراء تتربص؟ أو داخلة في (اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) فتعتد بالأشهر؟ فخرج أبو العباس للهادي عليهالسلام ، وهو قول الكرخي : أنها تتربص ، ولا تعتد بالأشهر ؛ لأنها تشبه من انقطع حيضها لعارض.
وقال المؤيد بالله ، وأكثر الفقهاء : إن عدتها بالأشهر ، وإنها ليست من ذوات الأقراء ، بل هي من (اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) ، قالوا : ولأن العبرة بحال المرأة لا بالزمان ، بدليل أنها لو حاضت في سن لا يعتاد النساء بالحيض فيه ، فإنها من ذوات الأقراء ، اعتبارا بحالها لا بالزمان ، إذ لو اعتبر بالزمان اعتدت بالأشهر ، فإن وضعت ولم تر دما (١) ، فقال الاسفراييني : هي من (اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) ، فتعتد بالأشهر ، وأحد وجهي أصحاب الشافعي تعتد بالحيض ؛ لأنه لا يجوز أن تكون من أولات الأحمال ، ولا تكون من ذوات الأقراء (٢).
__________________
(١) أي : دم حيض ، قال في شرح الفتح : هو منطوق الأزهار ، ومفهوم الأثمار ، وصرح به في البحر. وفي حاشية أخرى (فلو رأت دم النفاس أيضا فلا حكم له ؛ إذ ليس بحيض فتدخل تحت قوله تعالى : (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ).
(٢) هذا علة من يقول بالأشهر.