وأما عدم وجوب السكنى فقد خرجه أبو العباس ليحي عليهالسلام ، من كونه لم يثبت للمبتوتة سكنى ، وهذا مروي عن عمر ، وعثمان ، وهو قول المؤيد بالله ، وأبي حنيفة ، والمنصور بالله ، والشافعي في الجديد ، وقال في القديم ، ومالك : تجب السكنى.
فإن قيل : إن الله تعالى قد قال : (غَيْرَ إِخْراجٍ) فجعل السكنى كالنفقة ، قلنا : أما على قول المؤيد بالله ، وأبي حنيفة ، والشافعي في أن النفقة ساقطة ، فقد قالوا : النسخ لهما ، وأما إذا قلنا بالفرق ؛ فلأن قوله تعالى : (غَيْرَ إِخْراجٍ) لم يلزم السكنى مطلقا إلا لوجوب المتاع ، فكأنه خير المرأة بين أن لا تخرج فتستحق المتاع ، وبين أن تخرج فلا جناح عليهم في تركه ، وأما المؤيد بالله ، وأبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي فقد أسقطوا النفقة ، واستدلوا بما روي عن ابن عباس أنه قال : نسخ المتاع بآية الميراث ، وقد أجيب بجواز أن ذلك اجتهاد لابن عباس (١) ، بخلاف ما لو قال الصحابي : نسخ كذا ، ولم يبين الناسخ فإنه يقبل ، مع أن آية الميراث ليس فيها شيء يقتضي نسخ النفقة ، وقوله تعالى : (غَيْرَ إِخْراجٍ) أي : لا يخرجن من بيوت الأزواج.
ثم قال تعالى : (فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) اختلف في معنى ذلك فقيل : أراد في العدة ، لكن خرجن بأنفسهن من غير إخراج الورثة ، وقيل : أراد إذا خرجن بعد مضي العدة ، وأن بمعنى إذا ، ذكره قاضي القضاة وغيره ، وصححه الحاكم.
وقوله تعالى : (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) أي : لا حرج عليكم يا معشر أولياء المرأة.
وقيل : أراد لا حرج في قطع النفقة والسكنى ، عن الحسن ،
__________________
(١) إذ هو مما للإجتهاد فيه مسرح ، ولهذا حصل فيه الخلاف.