قال الواحدي : (لا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان سبب نزولها).
غير أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا متفاوتين فى قدرتهم على تفسير القرآن ، تبعا لمقدار سماعهم التفسير من رسول الله ، ولمقدار ما شاهدوا من أسباب النزول ولمدى ما فتح الله به عليهم من طريق الرأى والاجتهاد ، قال تعالى : (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ. وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ، وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) (١٤).
قال السيوطي فى الإتقان : «وقد اشتهر بالتفسير من الصحابة الخلفاء الأربعة ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وأبى بن كعب ، وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعرى ، وعبد الله بن الزبير (١٥)».
وهناك من تلك من الصحابة فى التفسير كأبى هريرة «ت ٥٧ ه» وجابر بن عبد الله (ت ٧٤ ه) وعبد الله بن عمر (ت ٧٣ ه) وعبد الله بن عمرو بن العاص (ت ٦٣ ه) وأنس بن مالك (ت ٩١ ه) ، غير أن ما نقل عنهم فى التفسير قليل جدا بالنسبة للعشرة الذين ذكرهم السيوطي :
وأكثر من روى عنهم من هؤلاء العشرة ، أربعة هم : عبد الله بن عباس ، ثم عبد الله بن مسعود ، ثم على بن أبى طالب ، ثم أبى بن كعب ، رضى الله عنهم جميعا.
وها نحن نترجم لهؤلاء الأربعة ، فيما يلي من الصفحات :
١ ـ
عبد الله بن عباس :
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، القرشي الهاشمي ، ابن عم رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
ولد والنبي وأصحابه بالشعب بمكة. وعند ما توفى رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان له ـ رضى الله عنه ـ من العمر ثلاث عشرة سنة ، وقد عاش حتى توفى بالطائف سنة ٦٨ ه.
وهو ترجمان القرآن ، وحبر الأمة ، ورأس المفسرين. دعا له النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل. وقد روى عنه فى التفسير ما لا يحصى كثرة ، بطرق معظمها ليس بصحيح ، ومن ذلك التفسير المنسوب اليه ، وهو الذي طبع باسم : تنوير المقياس من تفسير ابن عباس ، للفيروزآبادي ، صاحب القاموس المحيط.
__________________
(١٤) سورة البقرة : ٢٦٩.
(١٥) وقال صاحب كشف الظنون ما نصه : «أما المفسرون من الصحابة فمنهم الخلفاء الأربعة ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وأبى بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وأبو موسى الأشعرى ، وعبد الله بن الزبير ، وأنس بن مالك ، وأبو هريرة ، وجابر وعبد الله بن عمرو بن العاص رضوان الله تعالى عليهم أجمعين».