قيل لابن عرفة : على هذا يكون نقيضه أنه يملك لبعضهم النفع والضر لكلهم ؛ لأنها موجبة جزئية ، فقال : القرينة تدل على التساوي ، أم لا فلو قيل : بالفرق ولا يخالفون هم في هذا ثم ذكرته له مرة أخرى ، فقال : الإنصاف أن هذا تكليف.
السؤال الثالث : لم قال (وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) والمناسب هنا وصفه بالقدرة ؛ لأن العلم والسمع إنما يناسبان من قصد التستر والاختفاء ، وهؤلاء تعنتوا وتجوزوا ، فما المناسب فيهم إلا العزة والانتقام والقدرة والمقدور ، وتقدم الجواب بأنه من حذف التقابل ، والتقدير : قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا ولا يسمع ولا يعلم ، والله هو مالك الضر والنفع وهو السميع العليم.
قوله تعالى : (قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً).
إما أنه على حذف قد أو الفاء في الأول فقط وهو الظاهر.
قوله تعالى : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ).
قال ابن عرفة : هذا دليل على مفهوم الآية ؛ لأنهم أيضا ملعونون على لسان سليمان وغيرهما من الأنبياء.
قوله تعالى : (ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ).
قال ابن عرفة : هذه دليل على ما يقولون الأصوليون في تنقيح المناط وهو [٢٨ / ١٤٠] التعليل ببعض العلل دون بعض مع كون المتروك أظهر من المذكور وأجلا ، مثل : " لا يقضي القاضي حين يقضي وهو غضبان" ، فأخذوا منه أنه لا يقضي عند شغل الخاطر وتشويشه إما [...] ، أو بجوع ، أو شبع ، أو خوف أو حزن ، أو نحوه ، وكذلك هذا إنما لعنوا لكفرهم بترك الموجب الأخص وعلل بأعمه وهو العصيان ، كما ترك هنالك الأخص وهو الغضب وعلل بأعمه وهو التشويش ، قال : وهذا دليل على أن العصيان يطلق على ترك المطلوب ، لقوله (وَكانُوا يَعْتَدُونَ) فالاعتداء هو تجاوز الحدود ولا يلزم التكرار.
قوله تعالى : (لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ).
قال ابن عرفة : إن رجع إلى فعلهم المنكر فظاهر ، وإن رجع إلى تركهم النهي عن المنكر تكون الآية دليل على أن الترك فعل ، وإن ترك إلى الجميع فيكون غلب فيه جانب الفعل على جانب الترك.
قوله تعالى : (تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا).