إن قلت : ما فائدته؟ قلنا : أفاد اتصافهم بأخص المغفرة ، كقولك : فلان ينتقل إذا عسعس الليل ؛ فإنه أخص من قولك : فلان يتنقل.
قوله تعالى : (وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ).
مع أنه أخص ، قال : وعادتهم يجيبون بأنه احتراس خشية أن يتوهم أنه التعليل بالمخل ؛ لأن هذه لما كانت ألواحا نزلت من السماء من الجنة ، قد يتوهم أن الهدى والرحمة فيها أنفسها ، فقيل في نسختها ليفيد أن الرحمة والهدى في المكتوب منها ، وفيما النسخ منها لأن فيها أنفسها لذاتها.
قوله تعالى : (أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا).
ليس باستفهام عن الإهلاك ؛ لأنه قد وقع ، والواقع لا يسئل عنه ؛ وإنما هو استفهام عن الجواز الحكمي ؛ معناه : أيجوز في حكمك أن تمتلك البريء بما فعل العاصي ، وهذا جائز عند أهل السنة فإنه يجوز عندهم أن يعذب الله الطائع ويعذب العاصي ، وأفعال الله غير معللة وكلها بالنسبة إليه حسن.
قوله تعالى : (فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا).
الرحمة سبب في المغفرة ؛ فهلا قدمت عليها ، وأجيب : بأن المراد تكرير الدعاء بها لتكون ... (١) متقدمة ومتأخرة.
قوله تعالى : (وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ).
إن اعتبرنا ما في نفس الأمر فلا مشاركة ، وباعتبار الظاهر هي أفعل ، من قوله تعالى : (وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً). لا يصح أن يكون الكتب حقيقة لأنه إن كان قديما امتنع لقوله (فِي هذِهِ الدُّنْيا). ، وإن كان حادثا امتنع لقوله (وَفِي الْآخِرَةِ). فالمراد بالكتب إما ثبوت ذلك ، أو الحكم بثبوته.
قوله تعالى : (قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ).
اختلفوا هل اتصل موسى بمطلوبه أم لا.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ).
قال ابن عرفة : إنما كرر الموصول ؛ لأن هذه الأمور اعتقادية راجعة للتوحيد ، والأولى أمور عقلية ؛ فكررها لما بين العمل والاعتقاد من التفاوت.
__________________
(١) كلمة غير واضحة.