قال ابن عرفة : لأن الآية تكون على وتيرة واحدة ؛ أي : وإن تنتهوا عما أنتم عليه ، وعلى التأويل الآخر وهو أنها خطاب للمؤمنين يختلف التقدير ؛ فيكون المراد : إن تطلبوا الحكم بينكم وبين الكفار فقد جاءكم الفتح ، وإن تنتهوا عن المشاجرة والمخاصمة في أمر الغنائم فهو خير لكم ، فمتعلق الفعل الثاني على هذا غير متعلق الفعل الأول ويؤيده [٣٦ / ١٧٨] أيضا قوله (وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ).
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ).
دليل على أن الإيمان غير الطاعة.
قوله تعالى : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ).
الظاهر أيضا في المنافقين ، ويحتمل أن يراد بها اليهود ؛ لقوله تعالى : (قالُوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا) [سورة البقرة : ٩٣] والمراد السماع النافع.
قوله تعالى : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ).
هذه الآية رد بها ابن هشام على كون الخبر أعم من المبتدأ ؛ لأن الصم البكم أخص من شر الدواب على الصم البكم العمي ، وعلى البكم العمي.
قوله تعالى : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ).
إن قلت : من شرط المقدمين في علم المنطق أن يصدقا في النتيجة وهي هنا كاذبة ؛ لأنها تنتج : لو علم الله فيهم خيرا لتولوا وهم معرضون ، قال ابن عرفة : والجواب بأن القياس عند الأصوليين على ثلاثة أقسام : افتراضي ، وشرطي ، واستثنائي ، مثل الاستثنائي : لو كان هذا إنسانا حيوانا لكنه ليس بحيوان فليس إنسانا ، أو لكنه حيوان فهو إنسان ؛ لأنه ينتج نقيض المقدم أو عينه وهو في الآية قياس اقتراني أن سور الكبرى فيه إن كان كليا أنتج ، وإن كان مهملا لم ينتج مثال الأول لو كان هذا إنسانا لكان حيوانا ، وكلما كان حيوانا كان جسما ينتج كلما كان إنسانا جسما ، والمهمل هل هو [.....] مثل هذه الآية ؛ لأن المهمل في قوة الجزية فلا ينتج فلا يرد علينا ما أورده فيها ، قلت : وأجاب ابن عرفة وغيره : بأن الإسماع مختلف ، فالإسماع الأول : بمعنى الإجابة ، والثاني : بمعنى إفهام القول المأخوذ من السماع ، وأيضا فشرط إنتاج الشكل الثاني في المنطق قول المقدمة الثالثة كلية ، وأما إن كانت جزئية فلا يجتمعان.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ).