وتنظر هل معنى الآية : وإن أحد من المشركين استجارك لكي يسمع كلام الله فأجره ، والمعنى : استجارك لما هو أهم من ذلك.
قوله تعالى : (فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ).
يترجح كون ما مصدرية بوجهين ؛ أحدهما : الدلالة على اتصال الأمر بالاستقامة لهم في جميع مدة استقامتهم لنا.
الثاني : أن الأصل في القضايا الجملية لا الشرطية.
قوله تعالى : (فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ).
يؤخذ منها أن دين الكافر لا يلزمه خلافا للمغيرة حكاه ابن رشد ، وهذه الجملة اعتراضية بين قوله (فَقاتِلُوا) وبين قوله (لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ).
قوله تعالى : (أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ).
ابن عرفة : إن أريد إخراجه من مكة فيكون في الآية تقديم وتأخير ؛ لأن نكثهم إيمانهم بعد ذلك ، وإن أريد من المدينة فالآية على ترتيبها ، وإنما لم يقل وهموا بإخراج رسولهم لأنهم خالفوه من حيث كونه رسولا فخالفوا الرسول بالبطلان وقد أشد.
قوله تعالى : (وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ).
ولم يقل : وهموا بإخراج الرسول ، الفرق الحاصل بين الجملتين ؛ لأن الجملتين الأولتين ترجعان إلى تكذيبهم بالرسول ، والثانية : راجعة إلى قتالهم للمؤمنين ، فهذه الثانية تحريض للمؤمنين على قتالهم ، فإن قلت : ما أفاد قوله (أَوَّلَ مَرَّةٍ) ، ولفظ البدء يقتضي الأولية ، قال : فالجواب أن البداية تقتضي الكمية المنفصلة ، لقولك : إذا كان بين بني تميم وبني قيس غير حروب ، فتقول : بنو تميم هم البادئون بالقتال في الحرب الأول.
قوله تعالى : (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ).
هذا صريح في مذهب أهل السنة القائلين بأن أفعال العباد كلها مخلوقة لله عزوجل ، ولما تقدم الأمر بالقتل بلفظ العرض والتحضيض عقبه بصيغة الأمر بالقتال ضربا ، أو ذكر الأمر بالقتال ليرتب عليه الوعد بالنصرة عليهم في قوله (يُعَذِّبْهُمُ) ، فإن قلت : ما أفاد قوله تعالى : (وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ) بعد قوله (يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ؟) قلت : لأنهم إذا عذبوا بأيديهم قد يساومهم فلا يغلبوا أو لا يغلبوا.