قوله تعالى : (ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ).
فائدة قوله (بِأَفْواهِهِمْ) إما التنبيه على أنه لم يقولوه في أنفسهم فقط بل صرحوا به بألسنتهم ، وإما التنبيه على مخافة عقولهم وأنه قول لا دليل غلبة عليه ، وإما أن يراد بالقول المذهب أي دينهم بأفواههم ، وإما أنه ينكث عليهم وتوبيخ لهم ؛ لأن الفم أشرف الأعضاء فاستعاره فيما لا يليق به وصحح جعل الأعرف وهو قولهم لأنه أعم من المبتدأ ولا يضاف للمبتدأ فيه.
قوله تعالى : يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم والله متم نوره.
فأجاب الزبير بأن الاثنين جواب من قول الكافرين المشتمل هنا على ست كلمات ، وهناك على ثلاث كلمات ؛ لأن قبل هذه (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) وقيل تلك (فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) [سورة الصف : ٦] فناسب التطويل هنا زيادة (وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا) وبإظهار أن في قوله (أَنْ يُطْفِؤُا) وناسب الاختصار هناك ، وقلت : وأيضا فإنه لما عبر هناك بالفعل المقتضي للتجدد وأتى معه بأداة الحصر واستغنى هنا عن ذلك لكونه عبر بلفظ الاسم المقتضي للثبوت واللزوم.
قواه تعالى (فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ) انظر هذه الآية مع ما في الحديث من أن النار لا ينال محل السجود ، ويجاب بأن لا تعارض بين العام والخاص.
قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ).
فإن قلت : [٣٧ / ١٨٣] ما أفاد زيادة (وَاعْلَمُوا؟) وهلا قيل : والله مع المتقين؟ فالجواب : إما بأنه تنبيه للعاقل فيحضر ذمته ، وإما بأن المراد اعلموا ذلك بالدليل والبرهان إشارة إلى وضوح الدلائل الدالة عليه ، وإما أنه تأكيد في الإخبار.
قوله تعالى : (زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) عادة بعضهم يفرق بين في وعلى ؛ بأن في تقتضي تكميل الكمية من جنسها ، وعلى تقتضي الزيادة عليها مطلقا فقد يكون من غير الجنسين ، ومثاله : إذا وجدت سلعة وقضت على عشرة دنانير فردت فيها إلى أن بلغت عشرين ورقمت العشرين ، قلت : زدت في ثمنها لأن الزيادة هنا من الثمن ؛ فإن الزيادة هنا ليست من الثمن ، فدل هنا على أن النسيء كفر ، لقوله : ولم يقل على الكفر.
قوله تعالى : (يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا).
على معنى يضل به الذين كفروا واتباعهم ؛ فالذين كفروا إما فاعل أو مفعول.