بإيجاب الله تعالى على جهة التفضل والإحسان لا في مقابلة العمل إذ لا يجب على الله شيء.
قوله تعالى : (وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ).
هذا مثل : (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً) [سورة النساء : ٨٧] فيقتضي نفي الأفضل ونفي المساوي.
قوله تعالى : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ).
ابن عرفة : يؤخذ منه فائدتان أصوليتان ؛ أحدهما : العمل بالقياس ؛ لأنها اقتضت نفي ما يتوهم من القياس.
الثاني : إذ هداهم بطلان القياس لقيام الفارق.
قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ) أي ما كان الله ليحكم بإضلال قوم ضلوا بعد الهداية حتى يبين لهم ما يتقون ؛ فإن ضلوا قبل البيان فإنه لا يحكم بإضلالهم شرعا ، والزمخشري يقول : عقلا ، فإن قلت : ما أفاد قوله (بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ) وهل مفهومه مفهوم مخالفة أو موافقة ، لكن قد يقال : أن الهداية هي بعثة الرسل ؛ قال تعالى (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) [سورة الإسراء : ١٥] ، فإن فهمت الهداية على ظاهر لم يكن مفهوم مخالفة ؛ لأن من ضل بعد الهداية قد بينت له الطرق والدلائل.
قوله تعالى : إن الله سميع عليم.
احتراس خشية أن يتوهم أن تأخر البيان لكون العلم لم يكن حاصلا فأخر حتى حصل العلم به.
قوله تعالى : (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ).
المراد : إما خلق الله في قلبه التوبة ، أو قبل منه التوبة ، وجعل ابن عطية قوله تعالى : (ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ) تأكيدا ، والصواب أنه تأسيس ، والأول راجع لخلق التوبة في قلوبهم ، والثاني راجع لقبولها منهم.
قوله تعالى : (حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ).
ابن عرفة : عادتهم [...] الغاية من شرطها مخالفة ما بعدها لما قبلها ، وقد فسروا التخلف بوجهين : إما التخلف عن العذر ، أو إما عن قبول عذرهم ، وإن حملنا