سورة يونس عليهالسلام
قوله تعالى : (الر) قال الزمخشري : تقرير للحروف عن طريق التحدي بسببها.
ابن عرفة : أراد أن دليل النبوة التعجيز بالآيات وتركيب حروفها ؛ كالصانع النجار فإنه ليس من شرطه حسن الخشب بل حسن هيئتها في الصنع وشكلها ، وكذلك الصلّال ليس من شرط صنعته طينة الطفل بل حسن العمل ، وكذلك هنا إشارة إلى أن هذه الآيات أنزلت بحروف معهودة لكم تتكلمون بها إلا أن صيغة تركيبها يعجز كون التحدي بصفة التركيب لا بالمادة.
قوله تعالى : (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ).
قال ابن عطية : قيل : المحكم ، وقال الزجاج : هو محكم ، وهو صفة موصوف بصفة الله تعالى فهو محكم.
ابن عطية : فرجعت إلى قول واحد.
ابن عرفة : لم يفهم عنه مراده وإنما أراد ما قال الزمخشري من أنه من باب إسناد الشيء إلى غير فاعله ، كقولهم : ليل قائم ونهار صائم ، يوصف القرآن بصفة من هو كلامه كما وصف الليل والنهار بصفة يعتد فيها.
قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ).
حكى ابن سينا في تأليفه الخلاف هل الأرضين سبع أو لا؟ والاختيار هو أنها سبع ، وقال المازري في المعلم : سألت عنها شيخنا عبد الحميد ، فقال : إنها سبع لحديث : " من اغتصب شبرا من أرض طوقه من سبع أرضين" ، ولقوله تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) [سورة الطلاق : ١٢] وتأول ابن رشد هذه الآية في البيان والتحصيل في مسألة سعيد بن المسيب من كتاب الصرف بأنه لا يلزم من لفظ المثل أن يكون قدرها ، وبدليل حديث : " إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن (١) " ، ومع أنه لا يحاكيه في الحيعلة والحوقلة ؛ بل يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله.
__________________
(١) أخرجه البخاري في صحيحه حديث رقم : ٥٨٠ ، ومسلم بن الحجاج في صحيحه حديث رقم : ٥٧٨ ، والترمذي في جامعه حديث رقم : ١٩٢ ، وأبو داود السجستاني في سننه حديث رقم : ٤٣٧ ، والنسائي في السنن الكبرى حديث رقم : ١٦٢٦ ، والبيهقي في السنن الكبرى حديث رقم : ١٧٥٥ ، ـ والبيهقي في معرفة السنن والآثار حديث رقم : ٦٤٤ ، وأحمد بن حنبل في مسنده حديث رقم : ١١٢٩١.