خلافا لما حكى المازري في العلم في كتاب النكاح عن بعض البغداديين في حديث : " ومن لم يجب الدعوة فقد عصا أبا القاسم وما .... (١) ".
قوله تعالى : (وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا).
ابن عرفة : إن قلت : لم قال في سورة البقرة (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) [سورة البقرة : ٢١٣] بغير أداة حصر ، وقال : هنا وما كان الناس إلا أمة واحدة بأداة الحصر.
فالجواب : أن آية البقرة خرجت مخرج ذكر بعث النبيين فلم يحتج ، وبالحصر كونهم أمة واحدة ، وهذه الآية خرجت لبيان اختلاف الأمم بعد اتفاقهم ، واحتج فيها إلى حصر كونهم أمة واحدة.
ابن عرفة : وتقدمنا فيها آية يؤخذ منها أن الإجماع حجة لا يجوز مخالفته ؛ لأنها اقتضت ذم الاختلاف بعد الاتفاق ، ولا معنى مخالفة الإجماع إلا هذا ، وقوله : قبل هذا (قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي) ، قال بعض الطلبة : لا يبعد أن يؤخذ منها جواز النسخ في القرآن ؛ لأن مفهوم قوله : (مِنْ تِلْقاءِ) يعني أن ذلك جائز من عند الله عزوجل.
قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ).
ابن عرفة : يحتمل أن يريد الإحسان الأعم وهو مطلق الطاعة مع الإيمان ، والأخص وهو ما في الحديث : " أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك (٢) ".
وسياق الآية يدل [٣٩ / ١٩٢] على أنه الأخص.
قوله تعالى : (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
__________________
(١) طمس في المخطوطة.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه حديث رقم : ٤٤٣١ ، ومسلم بن الحجاج في صحيحه حديث رقم : ٩ ، وابن حبان في صحيحه حديث رقم : ١٦١ ، وأبو نعيم الأصبهاني في المسند المستخرج على صحيح مسلم حديث رقم : ٥٣ ، وأبو داود السجستاني في سننه حديث رقم : ٤٠٧٨ ، والبيهقي في السنن الكبرى حديث رقم : ١٩٢٨٨ ، وأحمد بن حنبل في مسنده حديث رقم : ٣٥٩ ، وإسحاق بن راهويه في مسنده حديث رقم : ١٣٥ ، وأبو بكر البزار في البحر الزخار بمسند البزار حديث رقم : ٣٤٣٤ ، والنسائي في سننه حديث رقم : ٤٩٣٢ ، وأبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء حديث رقم : ١٣١٥٠ ، والبيهقي في دلائل النبوة حديث رقم : ٣٠٠٦.