يؤخذ منه أن الصحابة لا تستلزم الرؤية ؛ لأن اسم الفاعل حقيقة في الحال ، وهم حينئذ لم يروه وإنما يرونها في المستقبل.
قوله تعالى : (وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ).
مناقض لقوله تعالى : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ) ، وأجاب ابن عرفة : بأن المراد : ما كنتم إيانا تعبدون عبادة مرضية لنا.
قوله تعالى : (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ).
يحتمل أن يكون خطابا للنبي صلىاللهعليهوسلم ، أو خطابا للجميع فأمر كل واحد بأن يقول ذلك ، قال : ولما تقدمها إنذار المشركين بما لحقهم من العذاب عقوبة على فعلهم القبيح ، عقبه ببيان البرهان الدال على إبطال لحربهم.
قال : وهذا يحتمل أن يكون كلا أو كلية ؛ فيتناول ثلاثة أمور :
الرزق الخاص بالسماء ، والرزق الخاص بالأرض ، والرزق المشترك بينهما وهو النبات فإنه من المطر بعد تغذيه بالتراب.
قوله تعالى : (أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ).
بدأ أولا بالأمر الجلي الواضح لكل أحد ؛ لأن كل أحد يحتاج إلى الغذاء ، ولا يستطيع الصبر على الجوع بوجه فيظهر له الافتقار إليه بالبديهية في كل زمان بخلاف السمع والأبصار ، فإن دوامها غالب ، وطرق الامراض عليها قليلة ليس في كل زمان ولا لكل الناس بل لبعضهم فقط ؛ فالافتقار إلى الغوث ، ثم إن إخراج الحي من الميت أخفى فلا يدركه كل أحد ، ثم تدبير الأمور وإرادتها أخفى من الجميع ، ولذلك خالف فيها المعتزلة والقدرية.
ابن عرفة : وأفرد السمع وجمع الأبصار لوجهين : لفظي ، ومعنوي ؛ أما اللفظي ؛ فلأن السمع مصدر يقع على القليل والكثير من جنسه ، والبصر اسم غير مصدري.
وأما المعنوي ؛ فلأن السمع يدرك به الإنسان الصوت من الجهات الست ، والبصر لا يدرك به إلا ما يقابله فقط ، ولذلك قدم ؛ لأنه أشرف ، وهذا دليل على أن العرض لا يبقى زمنين ، وأنه في كل زمن يقدم البصر ويمده بأبصار جديدة كإعدام لون الثوب فسيقولون الله ؛ لأنه لم يخالف في ذلك أحد ، كما قال (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ).
قوله تعالى : (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ).