فيمن على أشخاص ويفدي أشخاصا ، فدخلت إما لتفضيل حال هؤلاء من حال هؤلاء ورؤيته بعض الذي وعد لا يجتمع مع وفاته بل تناقضها فحسنت فيه أوقف له ثم الله شهيد على ما يفعلون ، وإما أن يريد في الآخرة فتكون حكاية حال ماضيه ، أو يريد شهيد في الدنيا على ما يفعلون فيها ؛ لأن الآخرة ليس فيها فعل بوجه يوجد إذ ليست دار تكليف.
وجعل أبو حيان جواب الشرط الأول مقدرا ؛ أي : وإما نرينك بعض الذي نعدهم ، فذلك يعارض ابن عرفة ؛ لأن قوله (فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ) إنما يجيء جوابا عن الثاني.
ابن عرفة : وهذا لا يلزم ، ونظيره قوله تعالى : (وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ) [سورة الحشر : ٣] لأن عذاب النار ثابت لهم مطلقا سواء كتب عليهم الجلاء ، أو لم يكتب.
قوله تعالى : (قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ).
إن أريد لا يظلمون في القضاء فيكون تأكيد ، وإن أريد لا يظلمون مطلقا فيكون تأسيسا.
قوله تعالى : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلَّا ما شاءَ اللهُ).
وقال في الأعراف (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ) [سورة الأعراف : ١٨٨] ابن عرفة : لما تقدم ذلك (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ) [سورة الأعراف : ١٨٧] ناسب تعقيبها بقوله (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ) [سورة الأعراف : ١٨٨] ولما تقدم هذه (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ) بقوله (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) قلت : ولهذا أجاب ابن الزبير عن تقدم النفع هناك على الضرر ، وتأخيره هنا ، فقال : لما تقدم آية الأعراف سؤالهم عن الساعة ، وتكرر في قوله (كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها) [سورة الأعراف : ١٨٧] أي عالم بها ، وظاهر سياق الآية أنهم كانوا يظنون عليه بها ، والعلم بالشيء يقع لصاحبه ؛ قدم فيها نفي النفع ، ولما تقدم لهذه طلبهم تعجيل العذاب ، بقولهم (مَتى هذَا الْوَعْدُ) استهزاء وتكذيب قدم فيها نفي الضر.
قوله تعالى : (قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ).
ابن عرفة : يؤخذ منه جواز حلف الشاهد على شهادته ، قاله بعضهم وهو يفيد قوله (أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ) قال : وجه مناسبتها لما قبلها أنه لما تقدمها (وَلَوْ أَنَ