لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ ما فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ) فقد يتوهم أنه تعالى مفتقر إلى أخذ الفداء ؛ فنفى ذلك بقوله (أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ) الآية.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ).
نقل ابن عرفة هنا كلام الزمخشري وابن عطية ، ثم قال : ويحتمل عندي أن يكون المراد بالموعظة المعجزة ، وبالشفاء الإيمان ، وبالهدى فروعه ، وكانت هدى ؛ لأنها موصلة للسعادة ، وبالرحمة حفظ الأموال والنفوس ، وهي عامة بجميع المؤمنين ، ووقع العطف على الترتيب والتأخير كما هو في الوجود الخارجي.
قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً).
يحتمل أن يكون من باب إطلاق السبب على المسبب ؛ فيكون الرزق حقيقة في الطعام وأطلق عليه اسم الإنزال ، ويحتمل العكس فيكون الرزق مجازا في الماء ، والإنزال حقيقة ، ولا دليل في الآية على أن الأشياء على الحظر والإباحة.
وقوله (مِنْ رِزْقٍ) قال أبو حيان : للتبعيض أو لابتداء الغاية ، قلت : بل لبيان الجنس ، ولا يصح التبعيض ؛ لأن رزقا مطلق إذ هو في سياق الثبوت فيصدق بصورة وبعض رزق واحد لا يعينه ليس برزق ، فإن قلت : إنه رزق ، قلت : أقول لفظ البعض يتناوله ، فإذا بعضته لم يكن جزاء رزقا.
قوله تعالى : (وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ).
قال أبو حيان : العامل في يوم ظن ، قلت : هو المفعول الأول ، والثاني : محذوفا.
قوله تعالى : (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ).
وقال : في سبأ (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) [سورة سبأ : ١٣] فينفي الشكر الخاص عن القليل ، وهل الكثير هو الأكثر أم لا؟ قال ابن عرفة الكثير هو الأكثر.
قلت : بل هو لقوله تعالى : (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً نِصْفَهُ) [سورة المزمل : ٢ ، ٣] فسمى النصف قليلا ؛ فإذا كان قليلا فليس هو كثير [٣٩ / ١٩٤] فالكثير أنه إنما يصدق على ما فوق النصف ، وكذلك الأكثر.
قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً).