أحدها : خطابهم له بلفظ الرجاء ، والثاني : قد المقتضية للتوقع مع الماضي دون التحقيق ، فقالوا : (قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا) ، والثالث : قولهم (وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) ابن عرفة : الريب أخص من الشك فلذلك وصف به ، قلت : وانظر ما تقدم في براءة في قوله تعالى : (وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ) [سورة التوبة : ٤٥].
قوله تعالى : (فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ).
إما أن المراد غير خسارة تنالكم وعدم إيمانكم بلحوق العذاب بكم ، والإهلاك وصل في بالغم اللاحق لي بسبب كفركم ، أو يراد الجميع ؛ أي خسارة لي ولكم.
قوله تعالى : (قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ).
قال ابن عرفة : قالوا سلاما ملائكة بليغ من جهة بالمصدر ، وسلام إبراهيم بليغ من جهة إتيانه معبرا عنه بالاسم دون الفعل ، والاسم يقتضي الثبوت واللزوم ، ولذلك قال الشاعر :
لا يألف الدرهم المضروب خرقتنا |
|
لكن يمر عليه وهو منطلق |
وكان بعضهم يقول : إنما إلى سلام الملائكة بالفعل ، وسلام إبراهيم بالاسم من ناحية أن سلام الأشرف بعيد على المشروف فما يتوهم عدم وقوعه بالفعل المقتضي للوقوع والتجرد ، وسلام المشروف على الأشرف لا يستغرق وقوعه ، وإنما يتوهم فيه عدم الدوام بحصوله ثابت في الذهن ؛ وإنما المتوهم انقطاعه وعدم دوامه فعبر عنه بالاسم المقتضي للثبوت واللزوم دائما ، وقيل لابن عرفة : هذا على القول بأن الملائكة أشرف من الأنبياء ، فقال : وإذ قلنا أن الأنبياء أشرف ؛ فسلام الملائكة مما يستغرب ؛ لأنه من سلام الجنس على غير جنسه ، أما الرد فلا يستغرب ، وانظر ما تقدم في أول سورة الفاتحة ، وفي سورة الأنعام قوله (فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) [سورة الأنعام : ٥٤].
قوله تعالى : (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً).
قال ابن عرفة : جرت عادة المفسرين في القرآن إما تسلية للنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، أو لتخويف الكفار وزجرهم لما جرى لمن قبلهم.
قوله تعالى : (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ).
إشارة إلى كمال افتقارهم ؛ لأن الإله هو المفتقر إليه ، وقولكم له (لَكُمْ) إشارة إلى عدم استقلالهم ، وكمال احتياجهم إليه.
قوله تعالى : (أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ).