قال الزمخشري : أنشأ آباءكم.
وقال الفخر : أنشأنا من المني ، والمني من الدم ، والدم من الأغذية ، والأغذية من النبات ، والنبات من الأرض [٤٠ / ١٩٨] قال ابن عرفة : وهذا أحسن ولا يحتاج فيه إلى إضمار.
قوله تعالى : (وَاسْتَعْمَرَكُمْ).
إما بمعنى أنه أعمركم ، وإما من العمر أي أبقاكم فيها ، أو جعلكم معمرين غيركم أي عمور الجنة ، ورده بأنه ليس في هذا نعمة ، والآية خرجت مخرج الامتنان.
قوله تعالى : (فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ).
عطف استغفروه بالفاء للسبب ؛ أي استغفروه بسبب هذه النعم ، وعطف توبوا بثم لأن الاستغفار دعاء وطلب والتوبة فعل ، والإنسان ما يحتاج في المطلب إلى ترو ، وأما الفعل ولا سيما التوبة فإنه لا يقدم عليها حتى يتروى ويفكر.
قوله تعالى : (مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا).
قلت لابن عرفة : إن كان المراد به الزمن القريب من الحال فلا فائدة ، فيدفع قوله (قَدْ كُنْتَ) ، وإن أراد البعيد فذلك مناقض لمعنى قد ، فقال : أتى به ليفيد أنه في الحال غير مرجو.
قوله تعالى : (أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ).
قال ابن عرفة : وذلك أن الإنسان إذا حصلت له [.....] يستحيل له العام الضروري الذي يستحيل زواله عقلا ؛ بخلاف غير هذا ، فإن الإنسان قد يكون يشرب الخمر ثم يتركه ، ويكون يزني ثم يتوب ، وصالح عليهالسلام قال (إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ) قول يقال : كان الأصل أن يقول : إن كنت على بينة من ربي فيستحيل رجوعي عن ذلك ؛ لأنه من الأمر الضروري الذي يستحيل زواله ، فأجاب ابن عرفة : بأن الدليل البرهاني لا يخاطب به العوام ، فأتى بالدليل الخطابي ، لأنه هو الذي يفهمونه.
قوله تعالى : (لَكُمْ آيَةً).
قال : آية حال ، والحال من شرطها عند ابن عصفور الانتقال ، وهذه ليست إلا آية ، فأجاب بوجهين :