قوله تعالى : (قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا).
ابن عرفة : في الآية دليل على أن الأمر بالشيء نهي عن ضده ؛ لأن الصادر من شعيب عليهالسلام هو الأمر بعبادة الله سبحانه ، فأجابوه بقولهم (أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا) فلو لم يكن الأمر بالشيء نهيا عن ضده لكان قولهم غير مطابق.
قوله تعالى : (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا).
قال ابن عرفة : إن قيل لأي شيء جاءت هذه الآية بالفاء في قصة هود عليهالسلام؟ قالوا : قيل : لما سبقت هذه الآية عقب ذكر الوعد ، ناب الإتيان بالفاء المقتضية للتعقيب والإيجاز بخلاف الأخرى ، وقال بعضهم : لما كان الوعد سببا في الإتيان بالموعود ناسب الإتيان بالفاء المقتضية للتسبب ، وأما الآية الأخرى وهي آية هود عليهالسلام فليس فيها ذكر الوعيد فجاءت على الأصل ، والله أعلم.
قوله تعالى : (إِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ).
قال ابن عرفة غير منقوص تأسيس لا تأكيد ؛ لأن قولك : أوفيت زيدا حقه محتمل أن يكون أوفيته إياه منقوصا أو غير منقوص.
قوله تعالى : (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ).
الكاف إما للتعليل أو للسببية على أن ما موصولة والعائد محذوف ؛ أي كما أمرت به ، كقول الشاعر :
نصلي للذي صلت قريش |
|
ونعبده وإن جحد القوم |
أي صلت قريش له ، وعلى الأول تكون مصدرية ، انتهى ما تقدم لابن عرفة فيها ، وفي هذه الختمة قلت : وقدمت عنه في الختمة الأخرى أن ما مصدرية.
قوله تعالى : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ).
أضاف الرب إليهم ، ثم قال (إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) فأضافه إلى نفسه ؛ لأن الأول طلب فناسب إضافته إلى وصف الربوبية المقتضي لرأفة المطلوب وضآلته على الطالب ، ولا يقتضي حصول المطلوب ، والثانية خبرية تقتضي حصول المخبر به ؛ لأنها سبقته وحصول الرحمة من الله خاصة لشعيب ، ولم يحصل منه لقومه ؛ فلذلك أضاف الرب إليه فقط.
قوله تعالى : (إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ).