إذا وذكر قوم أنهم إذا تابوا يكونون كقومهم في ابتداء أمرهم صالحون ، لم تصدر منهم معصية ؛ لأن التوبة تجب ما قبلها.
(قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ).
لم يقل : قال بعضهم إشارة إلى أنه لم يقل إلا واحد منهم ، ولفظ بعض يصدق على الواحد وعلى أكثر منه.
الزمخشري : (الْجُبِ) البئر ، لم يطو لأن الأرض تجب جبا.
الطيبي : يعني أنما سمي البئر غير المطوي جبا إذ ليس فيه غير جب الأرض ؛ فإنه لم يطو بعد الأساس طوي البناء باللبن ، والبئر بالحجارة ، وهو الطوي ، والإطواء.
(ما لَكَ لا تَأْمَنَّا).
لك خبر ما ، ولا تأمنا حال ، كقولك ما لك ضاحكا ، ما لك باكيا.
الطيبي : قال صاحب التفسير كلهم ، قرأ مالك (لا تَأْمَنَّا) بإدغام النون الأولى في الثانية ، وإشمامها بالضم ، وحقيقة الإشمام في ذلك أن يشار بالحركة إلى النون لا بالعضو إليها ، فيكون ذلك أخفاء لا إدغاما صحيحا ؛ لأن الحركة لا تسكن رأسا بل يضعف الصوت ، فيفصل بين المدغم والمدغم فيه ، لذلك هذا قول عامة ، وهو الصواب لتأكيد دلالته وصحته في القياس.
وقال الجعبري : شارح القصيدة في قوله : وتأمننا للكل يخفي مفصلا ، وقوله : وإدغام من إشمامها لبعض عنهم يريد بقوله إخفاء الحركة اختلاسها ، ومعنى مفصلا ؛ فصل إحدى النونين عن الأخرى وهي حقيقة الإظهار ، وهذا معنى قول أبي علي الفارسي : ويجوز أن يبين ولا يدغم ، ويخفي الحركة ، وهو أن يختلسها ، ومفهوم إطلاق السبب إلى أن كلا من النقلة رووه عن السبعة ، وليس كذلك لإطباق العراقيين على خلافه ، وقوله : التشديد من غير حركة النون ، وبهذا قطع ابن مجاهد في قوله : وكلهم قرأ تأمنا بفتح الميم ، وضم النون وإدغام النون الأولى في الثانية ، والإشارة إلى إعراب النون المدغمة بالضم ونبه بقوله : وضم النون على أن الفعل مرفوع ليفهم علة الأسماء.
(وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ).
تمويه وتورية ، أي وإنا لأجله لناصحون أنفسنا ، وهذا لأنهم أنبياء يستحيل عليهم الكذب.