(لَيَحْزُنُنِي).
قيل : متعلق الحزن ماض ، والخوف مستقبل ، فكيف يفهم هنا ، أجيب بوجهين :
الأول : أن يحزنني مستقبل ، وذهابهم به كذلك ، فمعناه إن قدرت وجود ذهابكم به فالحزن مبني موجود بلا شك ، لوقوع موجبه ، (وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ) إن قدرت ذهابكم به ولا يحزن عليه ، لأني لا أدري لعله يسلم لام الابتداء الداخلة على خبريّ تخلصه للحال ، قيل في ذلك قولان والصحيح أنها للاستقبال ، وإن كان ابن مالك في التسهيل جعلها من المخلصات للحال فقد صح غيره أنها للاستقبال الثاني ؛ أن الحزن واقع منه ، لأنه لما آتوه عصبة واجتمعوا وتظافروا على طلبه الذهاب به علم يعقوب أنه لا بد له من إسعافهم بمطلوبهم ، فكان موجب الحزن ، وهو الذهاب واقعا في الوجود ، فوقع الحزن لأجل ذلك بخلاف سبب الخوف ، وهو أكل الذئب إياه.
(وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ).
الزمخشري : متعلق ب (أَوْحَيْنا) ، لا غير.
الطيبي : أي قراءة النون يعني أوحينا إلى يوسف هذا التهديد والوعيد في حقهم ، والحال أنهم لا يشعرون بهذا الوحي ، لأن إنباء الله إياهم لا يجتمع مع عدم شعورهم به بخلاف إنباء يوسف ، لأنه حصل مع عدم شعورهم ، وفيه نظر بجواز أن يتعلق بقوله (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ) وأن يريد بأنباء الله أيضا جزاء فعلهم لهم وهم لا يشعرون بذلك ، والظاهر أن هذا الإنباء هو قوله (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ).
(عِشاءً).
الزمخشري : رواه ابن جني [...] العين والقصر.
الطيبي : قال ابن جني : رواه عيسى بن ميمون ، فيكون عشوا من البكاء ، وطريق ذلك أنه جمع عاش وكان قياسه عشاة كعاش ومشاة ؛ إلا أنه حذف الهاء تخفيفا ، وهو يريدها ، وفيه ضعف ؛ لأنه قدر ما يكون هي ذلك اليوم لا يعشو منه الإنسان ، ويجوز أن يكون جمع عشوة أي ظلاما ، وجمعه لتفرق أجزائه.
(بِدَمٍ).
قال المفسرون : أن يعقوب لوث وجهه بذلك الدم.
فإن قلت : كيف فعل هذا والدم نجس؟ قلت : ملاقاة النجس أنما هي مكروهة ، وهذا محل حزن وذهول.