قوله تعالى : (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ).
ابن عرفة : جعل خروج (الْعِيرُ) موجبا لوجدانه ريح يوسف ، وليس كذلك إنما الموجب خروجهم بالثوب فوجدان الريح من لوازم الخروج بالثوب لا من لوازم مطلق الخروج فلم عدل عن اللازم النسبي إلى اللازم الأعم ، قال : والجواب : أن ملك مبالغة في وجدان الريح لأنه إذا كان الموجب له مطلق الخروج للسيارة فأحرى أن يوجبه الخروج بالثوب ، فإن قلت : لم قال (لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ) وهلا قال أثم ريح يوسف ، والجواب : قال فهو أبلغ لأن الوجد أن يكون بالقلب والتذكير ويرويا يوميه فهو أضعف من الشم ، قلت : جواب بوجهين : الأول : أن هذا من وجه أن المسألة إشارة إلى أنه وجد فسألته التي كاد يجب عليها ، والثاني : أنه تلطف في الإخبار بما يدل على مبادي الشم ولو صرح لهم بالشم لبالغوا في شدة الإحكام عليه وكان بعضهم يحكي عن سيدي أبي محمد عبد الله المرجاني أنه كان يقول : ما يدرك لعادات الصديق إلا صديق لا يعرف دلائل الولي الأولى لا يستلذ برائحه المسك كاستلذاذ الخضري بها والخضري العطار ضده أنفس مما هو عند غيره لعله بقدرها فيوسف وإن كان صديقا نبيا ، وأبوه يعقوب كذلك فلذلك أدرك مماثله وأما رآته ولم يذكرها أحد من أهله الذين معه لأنهم ليسوا بأنبياء إذ هم حفدته وقرابته وإما أساءوه فلم يحض حينئذ منهم أحد بل كانوا عند يوسف.
قوله تعالى : (إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ).
إنما قال جهدته والآية عد من قرابته وهم غير معصومين لأن النبي لا يتصف بالضلال ولا ببينة لا يجوز عليه وفيه دليل على أن هذا لما كان يقال للأنبياء من أهلهم وغيره لأنه أصيب في ولده بسببهم وهم مع ذلك ينكرون عليه حزنه.
قوله تعالى : (أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ).
الزمخشري : طرح البشير القميص على وجه يعقوب أو الفاعل ويعقوب ، ابن عرفة : طرح أي ألقاه على وجهه بلين ورفق (أَلْقاهُ) أي وضعه على وجهه من بعد وكلاهما من قوى وقوله : (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ) لا يبعد أن يكون جواب قسم مقدر لأنه فهم عنهم الإنكار وقوله : (لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ) أن (لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ) لما رأيتكم في ذلك الزمخشري : (لَوْ لا) تفنيدكم لصدقتموني ورده ابن عرفة : بأنه بمعنى الأول فلا فائدة فيه ، أبو حيان لو لا تفنيدكم لقلت لكم أجد ريح يوسف ، ورده ابن عرفة : بأنه قد قال ذلك قال ولهذا كانوا يفندون على الحريري في قوله في المقامة الدينارية :