فإنهم له مع أنهم كانت تحيتهم السجود ، فقال : لأنه خرج هو وفرعون مصرا عن ملكها فأخروا السجود حتى انفردوا بيوسف وحده.
قوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي).
قال الفخر : احتج بها المعتزلة على أن الشر ليس مخلوقا لله ولا أراده ، وأجيب : بأن إسناده للشيطان تأدب منه وعلى مذهب الأشعري القائل بالكسب كما نقول قتل زيد عمرا وأفاد ذلك من فعل الله ، ابن عرفة : وفي هذا احتراس روعي منه لحجته إخوته ويحتمل أن يقول بكون قوله من السجن توريه وإيماء للجب لصدقه على السجن الحقيقي بالمطابقة وعلى الجب مجازا.
قوله تعالى : (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ).
ابن عرفة : إن قلت لم ذكر متعلق لعلم ولم يذكر متعلق الملك ، فالجواب : إن الملك كله في نفسه شريف فلذلك لم يحتج أن يقول رب قد آتيتني ملك مصر والعلم منه الشريف والساقط فلذلك ذكر متعلقه ، فإن قلت : لم قدم الملك على العلم ، والأولى العكس لوجهين أحدهما : أن العلم أشرف لأن الملك أمر دنيوي والعلم موصل إلى الآخرة ، الثاني : أن العلم سبب في ذلك لأنه به حصل له الملك وهو تأويله لرؤيا الملك ، فالجواب : أنه قصد في الآية التي في ذكر الأوصاف النسبية في محل الشكر أو قدم الملك لأنه نعمة ظاهرة لجميع الخلق ، والعلم بتأويل الأحاديث نعمة خفية لم تظهر إلا لبعضهم ، إن قلت : لم ذكر هاتين النعمتين في وصف الشكر وترك النعمة العظمى ، وهي النبوة وهي أولى بأن يذكرها ويشكر عنها ، فالجواب : إنه في مقام النأي به والتعليم لغيره فذكر النعمة التي شارك فيها غيره ليقتدي به من حصل له شيء منها يشكر عليه ، وأما النبوة فصاحبها معصوم لا يحتاج تنبيهه للشكر عليه بوجه.
قوله تعالى : (فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
أي مبتدعها ، قال ابن عباس : ما كنت أعرف ما معنى (فاطِرَ) حتى اختصم إلي أعرابيان في بير فقال أحدهما : أنا فطرتها أي ابتداتها.
قوله تعالى : (تَوَفَّنِي مُسْلِماً).
قيل لابن عرفة : فيه سؤالان الأول الشيء معصوم [.....] على الإسلام وهلا دعا بأن على النبوة فأجاب بوجهين : أحدهما أن الدعاء يكون لوجهين إما لتحصيل المطلوب وأما لإظهار التذلل والخضوع ، وذلك فيما هو محقق الوقوع عند الداعي الثاني أن هذا على سبيل التعليم لغيره ، كما قال : قل ما سواكم ربي لو لا دعاؤكم وأن