سورة الرعد
قوله تعالى : (المر) نقل الفخر عن ابن عباس : أنها عبادة عن إن الله القوي الرحمن الرحيم أرى ، يقول ابن عطية : إنها عبارة عن أنا أعلم وأرى فالهمزة في أنا واللام في الله والميم في أعلم والراء في أرى فعلى هذه (المر) أسم لتلك الجملة والإعراب هنا على قول غيره بكون (المر) مبتدأ وخبره تلك آيات والرابط الإشارة لأن (المر) اسم هذه السورة كلها.
قوله تعالى : (وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ).
ابن عرفة : إن قلت : إلى لأنها الغاية ومن لابتدائها فالأصل تقديم المجرور بمن لأن الابتداء متقدم على الانتهاء ، فأجابه الطلبة : بأن التقديم للاهتمام به وإن النزول إنما هو بسببه ومن أجله وإليه ، ورده ابن عرفة : بأن هذا صير هنا لأن البداية باسم الله تعالى أولى وأهم ، قال وإنما الجواب : أن المتقدم على ستة أنواع أحدها للتقدم بالشرف وعندنا قاعدة أخرى وهي أن الوجود أشرف من العدم ولا شك من الشيء النزل هو أبعد الإنزال معدوم من محل الابتداء الإنزال وموجودة وفي عمل انتهائه فلهذا قدم لأنه أشرف لوجود المنزلة وقد قال له إن القرآن لم ينزل في اللوح المحفوظ وأما الكلام القديم الأزل فيستحل فيه النزول لأنه ليس بصوت ولا حرف وتلك الأحرف والأصوات المنزلة انعدمت بلا شك من اللوح المحفوظ ووجدت عند النبي صلىاللهعليهوسلم وإنما بقي في اللوح المحفوظ الكلام بما يلغي ولو بقيت هي بنفسها لما صدق فيها أنها نزلت ، وسئل ابن عرفة : عن جمع الصحابة لآية النور هل كان باجتهاد منهم ، فقال : لا إنما هو توقيف حفظوه من النبي صلىاللهعليهوسلم اجتمعوا وجمعوه ووضعوا كل آية في محلها كيف سمعوا من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولو لا أنه توقيف لما كان قوله مده آيتان أبغير قوله (أَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) [سورة هود : ١٤] ، وقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ) [سورة البقرة : ٢٨٢] كلها آية.
قوله تعالى : (رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ).
استدل به ابن عبد السلام على أن السماء بسيطة إذ لو كانت كروية لما احتج المد بها ، قوله : (بِغَيْرِ عَمَدٍ) لأن الكورة مرفوعة بغير عمد إذ يعتمد بعضها على بعض ، ابن عرفة : وهذا لا حجة فيه لأن الثاني : هنا لا يعرفون ولا يقطعون بكونها كروية أو بسيطة إنما يصح هذا لو كانوا يقطعون بأحد الأمرين ، فيقال لهم : (بِغَيْرِ عَمَدٍ) ليفهم كمال القدرة واختلفوا هل للسماء أعمدة أم لا؟ فقيل : لها وهو جبل قاف وهذا القائل