تخصيص الناقص بالنقص والزائد بالزيادة وإنما هو راجع بالإرادة والظاهر أنه من العمومات الغير المخصوصة ، كقوله تعالى : (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
قوله تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ).
إن قلت : لم قال (يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى) فخبر بالفعل وقال : (عالِمُ الْغَيْبِ) بخبر الاسم ، فالجواب : إن العلم الأول متعلقاته متعددة شيئا بعد شيء بدليل زيادة الحمل ونقصانه فلذلك عبر فيه بالفعل ، والعلم الثاني متعلقة الغيب والشهادة وهما لا يختلفان ولا يتحدان إلا باعتبار متعلقاتهما ولم يذكر في الآية غير مجرد الغيب والشهادة وهما على الإطلاق ثابتان لا يجدان فيهما باعتباره ذاتهما ، ابن عرقة : هذا عندي مثل : (لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها) [سورة الكهف : ٤٩] لأنه إذا علم الغائب قادرا على الشاهد ، والجواب : كالجواب وهو أنه قصد الإشعار بالتسوية وإن علمه بالغائب كعلمه بالشاهد ليس بينهما تعاون ، ابن عرفة : وقوله الغيب والشهادة ليس هو في موضع نصب لأن ابن عصفور نص في شرح مقربه على اسم الفاعل إنما يعمل إذا دل على الزمان فإن جرد عن الزمان لم يعمل ، كقوله : ألقيت كأسهم في قعر مظلمة ، و : (عالِمُ) هنا صفة لله تعالى فيستحيل فيه الزمان فهو هنا مجرد عن الأزمنة.
قوله تعالى : (الْكَبِيرُ).
كان بعضهم يقول : إنه وصف مشترك والتعال خاص لا يقال إلا لله.
قوله تعالى : (مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ).
قال ابن بشير : القراءة في الصلاة على ثلاثة أقسام قراءة باللسان جهرا ، وقراءة به سرا ، وقراءة بالقلب ، وأنها تجري في الصلاة والظاهر أن المراد في الآية بالأسر أن يسمع نفسه أو يقرأ بقلبه لكي تدخل الأقسام الثلاثة فهو أبلغ و : (أَسَرَّ) مصدر في الأصل وهو خبر عن قوله : (مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ) والمصادر لا يكون إخبارا عن الحث فهو كقولك زيد عدل قال الكوفيون : أي ذو عدل وجعله البصريون نفس الضالة مبالغة ومجازا ، فالجواب : أنه ليس مثله وإنما جاز الإخبار هنا لأنه ليس خبرا عن الذات بل عن المجموع ، قيل لابن عرفة : هلا قال سواء عنده ولم يقل منكم ليعم الكلام الأنس والجن بل ذكر كان يكون أولى لأنهم أجهل وأشد مكرا واختفاء والشيطان فيهم فقال الجن أجسام لطيفة والإناء اللطيف الشفاف يرى ما في باطنه من ظاهره بخلاف الإنس فإن أجسامهم كثيفة فكان العلم بما في قلوبهم أبلغ فلذلك ذكرهم ليدل ذلك على العلم فأسرار الجن من باب آخر.