ابن عرفة : لما تضمن الكلام السابق تقبيح فعل اليهود عقبه باستدراك فعل بعضهم وإخراجه عنهم ، وبالغ في منهم بأمرين :
أحدهما : لفظة الرسوخ في العلم يفيده إلا أن يريد المؤمنين من غيرهم محمد صلىاللهعليهوسلم ، وأجاب : بعض الطلبة بأنه عطف العام على الخاص.
ورده ابن عرفة : بأنه لو كان كذلك من عطف الموصوفات مع أن الزمخشري جعله من باب عطف الصفات.
قال ابن عرفة وإنما يجاب بأنه لا يلزم من استلزام الأخص استلزام الأعم له.
قوله تعالى : (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ).
ابن عرفة : كلام الزمخشري هنا أحسن من كلام ابن عطية فإنه أطيب في تخطيه قراءة (الْمُقِيمِينَ) مع أن القراءة السبعية مجمعون عليها ، وصوب قراءة والمقيمون مع شذوذها فوهم كلامه أن السمع غير متواتر.
قوله تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ).
إما تكرار ، أو الأول في مؤمني اليهود ، وهذا [٢٦ / ١٣٠] في المؤمنين بمحمد صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، وإيمانهم باليوم الآخر يستلزم إيمان محمد صلّى الله عليه وعلى آله وسلم بالوحي إلى من قبله مع أنه أشرف ، والمشبه بالشيء لا يقوى قوته ، وأجاب ابن أبي حمزة عنهم ؛ لأنه إنما يعلم من جهته ، وأما العقل فيجوز خاصة ولا يوجبه بوجه.
قوله تعالى : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ).
الآية ، ذكرها البخاري في أول كتابه ، وأورد شارحه أو شراحه سؤالا ، كيف شبه الوحي للنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم بالوحي إلى من قبله مع أنه أشرف والمشبه بالشيء لا يقوى قوته؟ وأجاب ابن أبي حمزة عنهم.
قوله تعالى : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً).
قال المازني في شرح البلقيني في أول كتاب الطهارة : الآية حجة على المعتزلة في قوله : إن الله لا يكلم موسى مباشرة بل بواسطة ، خلق له الكلام في السيرة ؛ لأنه أكده بالمصدر ، ورده ابن عبد السّلام بأن التأكيد بالمصدر لإزالة الشك عن الحديث ، لا عن المحدث عنه فالكلام واقع حقيقة هل من الله أو غيره؟ نظر آخر وأجاب ابن عرفة بأن التأكيد بالمصدر وإن كان لإزالة الشك عن الحديث فلا بد فيه من مراعاة كونه واقعا من